إبراهيم عبدالله العمار
هل سمعت بتأثير الهالة من قبل؟ إنها من مطلحات علم النفس الاجتماعي، وتقصد ظاهرة طبيعية موجودة في كل البشر وهي تأثُّرُنا بالإيجاب أو السلب في الناس من ناحية نظرتنا لبقية صفاتهم. إذا أُعجِبتَ بشخصٍ ما – مثلاً أحد المشاهير – فإن حتى الأشياء الأخرى فيه والتي لا علاقة لها بسبب إعجابك ستبدو طيبة لك. إذا أُعجِبتَ بفِكْر أحد الكاتبين فإن أشياء أخرى غير ذات علاقة مثل صوته ومظهره ولباسه وما إلى ذلك.. هذه الأشياء تتسرب إليها قطرات إعجابك حتى تصطبغ جوانب كثيرة فيه بهذا، رغم أنها لا علاقة لها بسبب إعجابك الأصلي به. قد تروق لك مهارة أحد الرياضيين (ملاكم أو لاعب كرة) فتبدأ تنظر إيجابياً لتصفيفة شعره أو لهجته أو ذوقه في الملابس، وهي لا علاقة بها بمهارته الرياضية إطلاقاً! هذا التأثر لا شعوري.. يحصل في عقلك وأنت لا تدري.
بل إن تأثير الهالة قوي لدرجة أنه يؤثر على أشياء لم ترها، والسيناريو التالي مبني على تجارب كثيرة أظهرت صحته، فلو التقيتَ بشخص في مناسبة اجتماعية وأعجبت به، ثم ذُكر اسمه فيما بعد بين بعض الناس ممن يريدون جمع التبرعات لمشروعٍ خيري، وسألوك: «لقد رأيناك تكلم ذاك الشخص، ما رأيك، هل ترى أن نذهب له ليشارك في التبرع؟» حينها ستتذكر إعجابك به وفي نفس الوقت تتذكر أن الكرم صفة نبيلة، وبلا شعور ستقول إنه كريم (رغم أن حديثك معه لم يُظهر أي شيء متعلق بالكرم)، وبعدها ستزداد إعجابا – بلا شعور – بسبب هذا الربط!
ليس هذا فقط، بل إن تأثير الهالة قد يغير السلبيات إلى إيجابيات. أحد علماء النفس طبق اختبارا نفسيا شهيرا: لديك شخصان، نسميهما أحمد وصالح، فأما أحمد فيقول لك العالم إنه ذكي، مثابر، مندفع، منتقد، عنيد، حسود. وأما صالح فهو: حسود، عنيد، منتقد، مندفع، مثابر، ذكي. أكثر الناس سيفضلون الأول، رغم أن الصفات هي نفسها. هذا لأن الصفات المبدوء بها تُغيّر معنى ما بعدها، فيقول المخ: الذكي له عذر في عناده بل ربما يثير الاحترام، لكن الحسود والعنيد شخص مكروه وإذا أضيف الذكاء لهذا صار خطرا. معنى العناد تغير مرة للسلب ومرة للإيجاب بطريقة تجعلها تتوافق مع السياق.
تأثير الهالة من آفات التفكير، ولو لم تنتبه له فسيخدعك كثيراً بمعلومات خاطئة تماماً في حُكمك على الناس.