د. خيرية السقاف
في أمريكا يستشهد اثنان من هذا الوطن لإنقاذ روحين بريئتين مجهولتين, ما سألا عن اسميهما, ولا لونيهما..
وفي «الطرفية» بالقصيم بالأمس يستشهد اثنان أحدهما من هذا الوطن, والآخر ضيفٌ فوق ثراه من أجل حماية ذرة التراب فوق أرضه..
وفي الجنوب على الحدود عشرات يستشهدون من أجله, وفداءً عن جاره, ذوداً عن الإنسان, والأرض, والجوار, والحق..
وحيث هو ابن هذا الوطن الفذ يكون الفداء أرواحاً طاهرة، ومواقف مشرِّفة, وصدقاً يندر بين الناس في مراتبهم, وأدوارهم, وعلائقهم المختلفة, بل بنواياهم, وغاياتهم الظاهرة, والخفية..
لا قِبلة لقطرة الدم فيه, وريال العطاء منه, ولقمة الإيثار التي عنه إلا قِبلة الحق الإنساني, والهدف النبيل, والدور الجلي لقافلة الإيثار الراقي, بعظمة الأمة الخيرية التي خصَّه الله تعالى بها..
فهذه مواكب الخير من هنا, من هذا الوطن تنطلق حيث يدب الإنسان: غذاءً للجائع, وكساءً للمشرد, ومأوىً للمهاجر, ودعماً للمظلوم, ونُصرة للموقف الرائد للإنسان المسؤول فوق الأرض كلها باتجاهاتها الثمانية..
تضخ أموال هذا الوطن في شرايين الإنسان حيث يكون تُفتح كي ترتوي هنا, وهناك, وتتجلّى مواقفه المتعدّدة, والدائمة..
إذ تشهد الوقائع, والزمن, والإحصاءات بكل ذلك, فما من موقف إنساني إلا والسعودية له, وما من موقف جاد, وجازم لنصرة الحق, والإنسان إلا راية هذا الوطن الخضراء محلّقة فوق قوافله بالمال, والقول الحق, والشهداء, والأزر..
بكل ذلك وما خُفي في إيثار يحضر الوطن في محافل الأمم..
أفيكون لبغاة من «الإرهابيين» ما يظنون به أنهم باقون؟!
والإنسان على هذه الأرض جنديٌ ثاقب البصيرة, حازم العزم, يقظ الحس, ذو عينين لا تغمضان.
كلما هسَّ دبيبهم, انبلجت عروقه سيلاً يغرقهم, وقبراً يستقبلهم..
حفظك الله يا وطن مرفرفاً فوق الكفوف, بين الضلوع نبضاً, في العروق دفقاً, في الحس نوراً.. أرضاً, وفضاءً تمشي على الأفئدة, وفيها..