عبدالعزيز السماري
إذا غابت عقلية التطوير عن المؤسسة أو الشركة تتضخم الطبقات الإدارية وتتعدد عمودياً، و تتحول بمرور الوقت إلى مستويات متعددة الأسطح، وهو ما يقسم الشركة إلى فئات غير متصل بعضها ببعض، مما يفقد القدرة على التطور وعلى الوصول إلى المعلومات الصحيحة..
التطور الحقيقي في الإنتاجية يحدث عندما يكون لكل شخص في شركة أو موسسة صوتاً مؤثراً، ويمكنه التصرف بشكل مستقل، يقول إيلون موسك، الرئيس التنفيذي ومهندس المنتج في تيسلا، في سياسة الاتصالات لموظفيها: يمكن لأي شخص إرسال بريد إلكتروني، أو التحدث إلى أي شخص آخر وفقًا لما يعتقد أنه الطريقة الأسرع لحل المشكلة لصالح الشركة بأكملها..
في التنظيم الإداري الأفقي، يشارك عدد أقل من طبقات الإدارة بفاعلية في اتخاذ القرار، ويصبح للموظفين الذين لديهم المعلومات قدرة أكثر على اتخاذ القرارات الصحيحة، مما يقلل من الحمل الزائد الهرمي، بينما في التنظيات الإدارية المتعددة الطبقات يقل الإحساس بالمسؤولية، فوجود طبقات إدارية أكثر وأكبر من الطبقات العاملة يحولها إلى مفاهيم قديمة في التنظيم البشري، هدفها المحوري المنافع الفردية.
في الزمن المتطور تسعى المؤسسات والشركات إلى الاستجابة بسرعة للتحديات والفرص الجديدة، ومنها تقصير سلسلة القيادة وزيادة التواصل بين الموظفين والإدارة، وبالتالي يؤدي خفض الطبقات التنظيمية في الإدارة إلى سرعة اتخاذ القرار، ويقلل من الوقت الذي يستغرقه وصول المنتج إلى السوق، وقد توصلت دراسة أجريت على أكثر من 300 مدير تنفيذي من جميع أنحاء العالم، إلى أنه كلما زاد عدد الطبقات التنظيمية، كانت الشركة أبطأ في الوصول إلى العملاء بمنتجات وخدمات جديدة ومتطورة..
مشكلة التواصل داخل منظمة ذات الطبقات المتعددة من الإدارة متعددة الأوجه، حيث يمكن لهذه الطبقات المتعددة خلق عيوب متعددة الأوجه أيضاً في المؤسسة، مما يؤثر هذا الهيكل التنظيمي المعقد سلبًا على التواصل من خلال الحد من تدفق المعلومات داخل المنظمة، وربما التأثير عليها، وعندما توجد عدة قنوات وجدران بين الأقسام والطبقات، تصبح الطبقات العاملة غير قادرة على نشر المعلومات بفعالية وكفاءة، وقد يحدث تفرّع لهذه المشكلة عند نقل المعلومات، وقد يتم إبلاغها، أو إيصالها بشكل غير صحيح، أو تحريفها لمصالح فردية..
المستويات المتعددة للإدارة تجد صعوبة جمة في مواكبة التغييرات التي تحدث خارج المنظمة، وعادة ما تواجه الإستراتيجيات الجديدة صعوبة في اختراق العديد من طبقات الإدارة داخل المنظمة، وهو ما يضع الشركة في وضع غير ميت من خلال جعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للمنظمة لمواكبة التطورات والابتكارات في السوق، وبالتالي التوقف عن التطور، والوصول إلى حالة الجمود.
كذلك تعتبر الهياكل التنظيمية الرأسية ذات الطبقات العديدة من الإدارة مكلفة أكثر من الهياكل التنظيمية الأفقية، و مع المزيد من الطبقات، توجد مستويات أكثر من المدراء، ونظرًا لأن رواتب المديرين أكثر من غيرهم من الموظفين العاملين، تكلف الطبقات الإدارية المتعددة الشركات مبالغ طائلية مع قلة الإنتاجية، وهو ما يعني زيادة تكاليف المؤسسة دون تحسن في الإنتاج..
يواجه تطوير الهياكل التنظيمية المتعددة الأسطح تحديات، حيث تقاوم الإدارة المتضخمة خطط الانتقال من متعدد عمودي إلى هيكل أفقي، لأنهم يخشون فقدان وظائفهم، وهنا تتداخل مصالح الأفراد في مواجهة مصلحة المؤسسة، وغالباً ما تنتصر مصالح الأفراد في غياب مؤسسات خارجية مهمتها الأولى التقييم الإداري ودفع عملية التطوير إلى أعلى مستويات حسب آخر ما توصل إليه العلم الحديث..