الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
تجديد الوسائل والأساليب الدعوية يعد مطلبا حيويا في وقتنا الحالي الذي ظهرت فيه الكثير من المتغيرات وانتشرت فيه الأفكار المتطرفة بمعظم دولنا العربية والإسلامية، مما يتوجب البحث عن الآليات المناسبة التي يمكن من خلالها تطوير هذه الوسائل والأساليب.
مهارات دعوية
يؤكد الدكتور هايل عبدالحفيظ داود وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني الأسبق أن هناك آليات عدة لتطوير الخطاب الديني في مقدمتها تطوير وسائل العمل الدعوي لمواكبة مستجدات العصر، بما يفعل برامج التنمية المجتمعية بحيث يكون هذا الخطاب شاملاً وواقعياً ومتوازناً وواضحاً لكل الناس على اختلاف أطيافهم وشرائحهم وثقافاتهم.
كما يجب تطوير المهارات الدعوية للأئمة والدعاة بحيث يكونون قادرين على توصيل المعلومة بأسلوب سهل ومبسط بعيداً عن التعقيدات والتشدد في ضوء ثوابت الدين والوسطية السمحة، وعلينا أن ندرك أن تجدد الخطاب الديني يحتاج إلى دعاة لديهم مهارات دعوية فائقة يتمسكون بثوابت الدين ويجسدون سماحة الإسلام ووسطيته، فنحن أمة وسط، والرسول -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بالتيسير وألا نشق على أنفسنا.
كذلك يجب على دعاة العصر الحالي الاستفادة من الثورة التكنولوجية الحديثة والتواصل مع الغير عبر الإنترنت، بحيث لا يقتصر دورهم على المساجد، فهذا من ناحية يساهم في نشر الفكر التنويري المعتدل والوسطي بين الشباب، ومن ناحية ثانية يطلع الآخر على المبادئ الصحيحة للدين الحنيف. مع توظيف وسائل الإعلام لتصحيح الصورة المغلوطة لدى الشباب المغرر بهم، وكل من لا يعرف صحيح الدين الإسلامي الذي ينادي بالتعايش الإنساني والسلام والمودة بين البشر، خاصة أن الإرهاب الأسود يتوغل في كل ركن في أمتنا العربية والإسلامية والحرب معه في الأساس هي معركة فكر وعقيدة، ثم يأتي بعدها البعد الاقتصادي والاجتماعي إلى جانب الشق العسكري.. فالحرب شاملة ولا يكفي أن تقتصر على الجهود العسكرية فقط، بل يجب أن يتم تصحيح الأفكار المغلوطة وتوضيح المبادئ الصحيحة للإسلام لهذه الفئة من الشباب التي نجحت جماعات التطرف والغلو في تضليلها.
دحض الشائعات
ويقدم المهندس مازن سليم مدير المركز الإسلامي في توياما-اليابان بعض الاقتراحات حول تحسين أساليب الدعوة والتي تهدف لإيضاح صورة الإسلام الحقيقية قبل الدعوة للالتحاق بركب الإسلام واعتبار أن مقياس النجاح في الدعوة لا يعتمد على عدد من دخل الإسلام في هذا البلد أو ذاك فقط بل بالتمهيد لذلك أيضاً وهي المهمة الأصعب في ظل ما يجري اليوم على الساحة الدولية.
أولاً: الاحتكاك بالمجتمع بشكل أوسع ضمن الضوابط الشرعية واستنباط مشاريع اجتماعية تشاركية خدمية بحيث تكون هناك فرص للتواصل المباشر بين المسلمين وغير المسلمين وتكون فرصة لإظهار أخلاق وتعاليم الدين الحنيف ودحض الشائعات المغرضة حول تشدد المسلمين وانغلاقهم على أنفسهم.
ثانياً: العمل على اجتذاب واستمالة النخبة من المؤثرين في المجتمع من غير المسلمين وإقناعهم بسماحة وكمال الدين الإسلامي دون دعوتهم بشكل مباشر للإسلام لأن ذلك قد يدفعهم للتشكيك بهدفنا من التواصل معهم وقد يكون سبباً في البعد أكثر عن الجالية المسلمة لأن بعضهم وللأسف يحملون صورة مشوهة عن الإسلام لدرجة النفور.
ثالثاً: يجب إعطاء الأولوية في الدعوة للمراكز والمؤسسات التي تعمل تحت رعاية ومراقبة الجهات الرسمية ذات العلاقة وذلك لاستبعاد شبهات التطرف والإرهاب عنها.
رابعاً: توسيع مجالات التعاون الثقافية والعلوم الدنيوية من خلال دعوة المهتمين من غير المسلمين لزيارة البلدان الإسلامية للاطلاع عن كثب على ماهية المجتمع المسلم وقيمه الروحية وميزاته في التكافل والتعاون والتراحم بين عناصره وهذه جميعها حاجات فطرية للإنسان غير موجودة عند كثير من الأمم إلا من خلال أنظمة وقوانين وضعية ملزمة في حين هي من صلب ديننا الحنيف.
خامساً: العمل على توعية الجاليات المسلمة أينما وجدت بأهمية الدعوة للإسلام من خلال التزام المسلم بأخلاقيات التعامل مع غير المسلم حيث إنه سفير دينه ومرآته أينما كان فيجذب ويحبب الآخرين به أو العكس والشواهد على ذلك كثير.
سادساً: حث المراكز الإسلامية على التواصل مع رموز وأقطاب الإعلام المحلي وتهيئة أجواء ومناسبات تجذب المهتمين منهم ومثالاً على ذلك نجاح مركزنا باستقطاب جميع أنواع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وتسخيرها لخدمة الإسلام بشكل غير مباشر من خلال التعريف بالجالية الإسلامية وإبراز نشاطاتها.
سابعاً: العمل على تفعيل دور الجالية المسلمة ضمن مجتمعاتها لتكون مثالاً يحتذى به وقدوة لكافة طوائف مجتمعها ولإشعارهم بإيجابية وجودها بل بضرورة ذلك من خلال الأعمال الخدمية الطوعية، مبينين للناس أن تلك الأعمال هي من واجباتنا الدينية مساهمةً منا في إعمار الأرض والحضارة الإنسانية.
ثامناً: حث المراكز الإسلامية على التعاون مع الجهات الحكومية وأجهزتها الأمنية في أماكن تواجدها وتفهم هواجسها الأمنية من أي تجمع إسلامي وبث روح الطمأنينة لدى هذه الجهات شريطة الحفاظ على خصوصية الجالية المسلمة وقيمها الدينية مع احترام ثقافات المجتمعات المتواجدين بها ومراعاة أعرافهم وتقاليدهم مما سيساعد في توسيع آفاق وحركة العمل الدعوي.
تاسعاً: العمل على ربط المراكز الإسلامية والجهات الدعوية ضمن البلد الواحد ببعضها بهدف توحيد الجهود والمرجعية والبرامج الدعوية وإغلاق أبواب الاجتهادات الشخصية المتباينة التي لا تتوافق أحيانا مع التوجه العام للدعوة في ذلك البلد مما يخلق بابا للفتنة وتشتيت الجهود وينقل صورة سلبية لغير المسلم عن حقيقة التنوع في الإسلام وفوائده.
عاشراً: إخضاع الدعاة كافة المعدين للإيفاد لغير بلدهم الأم لدورات تثقيفية تأهيلية تعريفية بثقافة وعادات وتقاليد ومقدسات وفكر المجتمع الذي سينخرطون فيه وسيتعاملون مع أهله يومياً لتفادي الوقوع في أخطاء غير مقصودة محتملة بسبب التباين في المفاهيم، وبذلك يستطيع الداعية إلى الله البدء بمهامه من أرضية صلبة.