د. أحمد الفراج
أدرك حمد بن خليفة، ورفيقه حمد بن جاسم، ووراءهما خلايا الإسلاموي، يوسف القرضاوي، والمسيحي الإسرائيلي، عزمي بشارة، أن أقطاب الإسلام السياسي السعوديين أدوات رخيصة، فاستثمروها خير استثمار، وسط حالة التسامح، التي تحدثنا عنها فيما مضى من مقالات، وهو التسامح، الذي أفقد الحزبيين صوابهم، ومنحهم شجاعة كبيرة، فأصبح اللعب على المكشوف، وأصبح انتقاد قطر ونظام الحمدين خطا أحمر لا يسمحون لأي كان بتجاوزه، فعندما تكتب عن المملكة، كأن تشيد بهذا المسؤول، أو تمتدح قرارًا تنمويًا، أو تكتب عن مناسبة وطنية، فأنت مطبل، والويل لك إن تعرضت لقطر، فلم يكتف عملاء نظام الحمدين السعوديين بالصمت المطبق تجاه موبقات هذا النظام، وهي موبقات عظيمة، بل أصبحوا يدافعون عنه، في حال تعرض له بالنقد مثقف أو كاتب سعودي!
نعم، الحزبي السعودي لا يتسامح إطلاقًا مع عمل المرأة السعودية وفق الضوابط الشرعية، ولا مع معرض الكتاب، الذي يخضع لقوانين النشر السعودية، أما المهرجانات الوطنية، مثل الجنادرية، التي تتخللها برامج فنية وثقافية، فهي من الكبائر، ثم تجد ذات الحزبي الإسلاموي، يجد الأعذار لحكام قطر، عندما يكتب إعلامي سعودي عن علاقة قطر بإسرائيل، أو عن مهرجانات سوق واقف المنفلتة، في حالة انفصام عجيبة لا يدركها الحزبي، الذي تعمي عيونه سطوة المال والأيدولوجيا، ولا يتردد الحزبي عن شتم كل من يتعرض لنظام الحمدين، ولكنه يخرس ولا ينبس ببنت شفه، عندما يتعرض أحد لبلاده، بل ربما شارك في حفلة الردح ضد المملكة، ويصعب على أعتى علماء النفس تحليل هذا السلوك الجنوني، ولكنه حدث وكنا شهودًا عليه، ونكتفي بالاستنكار والمناصحة والتعجب!
لا يمكن وصف حالة افتتان أقطاب الإسلام السياسي السعوديين بنظام الحمدين بسهولة، فقد اختلط فيها الطمع وحب المال مع الأيدولوجيا، وهذا خليط خطر، إذ أن حمد بن خليفة هو عراب المشروع الأوبا-اخواني، أي مشروع الثورات العربية، التي كانت تهدف لتمكين تنظيم الإخوان من حكم العالم العربي، وهو في هذه الحالة في حاجة لأدوات في كل البلاد العربية، ودور هذه الأدوات هو إثارة البلبلة والتشكيك، تمهيدا لحالة الفوضى، التي كان حمد يحلم بها، فقد فعل ذات الشيء في البحرين ومصر وتونس واليمن وغيرها، فهو العرّاب والممول لإخوان مصر، قبل سنوات من الثورة على حسني مبارك، وكان حلمه الأكبر أن يحدث ذات الشيء في الجائزة الكبرى، المملكة العربية السعودية، ووجد ضالته في الإسلامويين، الذين كان حمد بالنسبة لهم هو العراب، الذي سيحقق حلمهم الكبير، وللحديث صلة عن الأحلام، التي كادت أن تعصف بنا جميعا!