«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
قبل سنوات كتب الكاتب الكبير «ستيفن كول» عن موقف الرأي العام تجاه أمريكا وإيران.. العلاقات الحائرة. ونشرته مجلة المجلة. أشار فيه إلى أن إيران وأمريكا ظلتا خلال عقود مستمرة تعيشان حالة توتر كبير وحدثت أزمات ومواجهات بين الجانبين منذ الإطاحة بنظام شاه إيران عام 1979م وزادت حدة هذه التوترات خلال السنوات القليلة الماضية. المقال كتب في 2007م بمعنى أنه مضى على كتابته أحد عشر عامًا. ومع هذا ما زال التوتر موجودًا بل ازداد في الفترة الأخيرة مع تهديد إيران بإغلاق مضيق «هرمز» التي تعتبر إيران أن هذا المضيق ملكًا خاصًا بها ورثته أبًا عن جد وبالتالي يحق لها فيه ما لا يحق لغيرها من الدول المطلة عليه. ولا شك أن استعراض إيران للقوة جاءت نتيجة ولنقولها صريحة وواضحة وجلية أنها استطاعت وكذبت وأخفت أنها نجحت في تخصيب اليورانيم مما اعتبرت ذلك وفي حينه خطوة كبيرة على طريق امتلاكها الأسلحة النووية. ومن خلال هذه الأسلحة فهي تشمخ بنفسها أمام أنظار الأمم وبدون خجل وحياء أنها قادرة على مواجهة كل من يقف في طريقها. واليوم وأنا أكتب هذه «الإطلالة» ما زال القلق يسود العالم وعلى الأخص الدول الخليجية التي تقع دولها على الجانب الآخر من «الخليج العربي» الذي ما زالت إيران تصر على تسميته أنه «فارسي» رغم علمها بأن 7 دول خليجية عربية وعلى امتداد آلاف الكيلومترات تحتضن هذا الخليج وصولا إلى المحيط العربي مرورًا بمضيق «هرمز» نعم إن القلق ما زال يسكن قلوب أبناء المنطقة بشكل خاص والعالم بشكل عام وذلك نتيجة لتداعيات التهديدات الإيرانية بإغلاق المضيق أمام صادرات نفط المنطقة لذلك يثير هذا التهديد التساؤلات عن مدى جديته كما يشير إلى ذلك تقرير نشرته مؤخرًا «البي بي سي» في ظل تصعيد متبادل بين الإدارة الأمريكية ومسؤولين إيرانيين، على خلفية دعوة واشنطن لحلفائها بوقف استيراد النفط الإيراني وفرض عقوبات على طهران، ودعوات إيرانية مقابلة بالصمود وتهديد بالرد. وكانت أحدث الردود قد وصلت من نظام الملالي وعلى لسان قائد الحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، الخميس الماضي إذ قال إن «قواته على استعداد لإغلاق مضيق هرمز، حال عدم تمكن إيران من بيع نفطها بسبب الضغوط الأمريكية». وأضاف جعفري: «سوف نجعل العدو يفهم إما أن يتمكن الجميع من استخدام مضيق هرمز أو لن يستخدمه أحد». وتأتي تصريحات جعفري بعد أيام من حديث للرئيس الإيراني، حسن روحني، مع الجالية الإيرانية في سويسرا قال فيه: «الأمريكيون يدَّعون أنهم يريدون وقف صادرات نفط إيران كليا، لكنهم لا يفهمون معنى هذا الكلام، لأنه لا معنى لتصدير نفط المنطقة حال عدم تمكن إيران من تصدير نفطها». ويأتي هذا التصعيد بعد دعوات واشنطن إلى وقف استيراد النفط الإيراني لوضع مزيد من الضغوط على النظام الإيراني. وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد أعلن، مايو/ أيار 2018، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، الموقع عام 2015، وفرض عقوبات اقتصادية جديدة على طهران. فما إمكانية إقدام إيران على إغلاق مضيق هرمز؟ أ-هـ والسؤال الذي يطرحه الجميع لماذا إيران تحاول دائمًا وأبدًا ومنذ أربعة عقود أن تثير القلق والبلبلة في المنطقة ولماذا تسعى لتصدير الإرهاب إلى الدول المجاورة وغير المجاورة. ولماذا لا تتجه إلى داخل وطنها وتهتم بشعوبها المغلوبة على أمرها التي راحت تنتفض ضد طغيان النظام وبعد أن عانت الشعوب وخاصة الأقليات منها. أكثر من جهة عالمية تريد أن تتوقف إيران عن عبثها في أمن واستقرار المنطقة وحتى العالم. والحمد لله إن أمريكا ودول المنطقة وإرادتهم المشتركة وحتى البقية من دول العالم التي اكتشفت حقيقة سياسة إيران العدوانية، جعلت النظام الإيراني يبلع ريقه خوفا ووجلا من أن تنفذ أمريكا تهديداتها.. وفي نفس السياق أجاب الدكتور محمد سرور الصبان، المستشار الاقتصادي والنفطي السعودي، على تساؤل «الـ بي بي سي: إن «إيران تحاول إخافة المجتمع الدولي عبر هذه التصريحات، وهذه ليست المرة الأولى التي تهدد فيها إيران بإغلاق مضيق هرمز، وهي تعلم جيدا أنها لن تستطيع القيام بذلك، وأن المجتمع الدولي بأكمله سيقف ضدها».
ويضيف الصبان أن ما تردده إيران ينبع من «خوف وهلع يعيشه نظامها، فهي تتخبط سياسيا، وبدلا من أن تقوم بمفاوضات مع دول الخليج، تلجأ إلى أساليب مراهقة سياسية»! كلام واقعي ولكن أليس في إيران رجل رشيد يوقف هذا العبث بأمن المنطقة ويشيع فيها القلق والخوف أيضًا؟ تعبنا وكبرنا ونحن نتابع هذا «العبث» الإيراني القذر..