م/ نداء بن عامر الجليدي
أصبح الكل يفتي لدينا عن أسباب تعثر المشاريع أيًا كان نوع هذا المشروع، سواء مشاريع تتعلق بالبنية التحتية من شوارع وجسور وأنفاق، ومنشآت وخدمات صحية وتعليمية وسكنية، ووظيفية، وميزانيات حكومية، وبرامج ومشاريع تنموية. ما يدعو للتساؤل عن أسباب ما يحدث من تعثر وتأخير لبعض المشاريع التنموية على أرض الواقع في ظل الطفرة الاقتصادية والعمرانية والوفرة المالية التي نعيشها. أين مكامن الخلل المؤثرة في التخطيط، هل هي في كفاءة القائمين على المشاريع ودورهم في التخطيط والتنفيذ؟ من حيث ضعف الخبرات لدى البعض، وقلة اهتمامهم بدراسة المشاريع قبل طرحها للمناقصات، وعدم دراستهم لمواقع المشاريع ومتطلبات تنفيذها، وتركيزهم على العروض الأقل سعراً دون الاهتمام بالمواصفات الفنية الخاصة بها، إلى جانب ضعف كفاءة وخبرة المشرفين عليها، واستخدام البعض للمواصفات ذاتها لأكثر من مشروع على الرغم من الاختلافات بينها؟. وهل ضعف قاعدة المعلومات التي يعملون من خلالها في إدارة المشاريع والبنية التحتية، ما يؤدي لضعف التقييم الأساسي للمناقصات التي تطرح، وللشركات التي ترسو عليها العطاءات من حيث قدرتهم على التنفيذ؟. كما لمحدودية خبرات المقاولين والتعاقد مع مقاولين بالباطن يفتقدون للإمكانات الفنية؟ وهل التهاون في تطبيق إجراءات العقوبة اللازمة في وقتها عند ملاحظة الإهمال في التنفيذ.. وضعف عملية المتابعة، والتباطؤ في اتخاذ القرارات اللازمة لسير العمل بمهنية واقتدار؟. وهل توجهنا بالاستعانة بمستشارين يفصلون المشاريع وفقاً لخبراتهم في بلدانهم؟. وهل الرأي الأوحد والقرارات الفردية في إدارة المشاريع وتنفيذها أحد الأسباب.. أم قلة خبرة بعض الشركات العاملة في المشاريع، والاعتماد عليهم اعتماداً كلياً من قبل البعض دون متابعة أو توجيه؟. أوضعف الرقابة المالية، وتأخر تسليم الدفعات المستحقة لهم. وضعف التنسيق بين الجهات الخدمية التي لها علاقة بالعمل في المشروع. وعدم وضوح الرؤية أثناء مرحلة الدراسات والتصميم وغياب النظرة الشمولية؟. الصراعات والمشاحنات التي تحدث أثناء العمل في المشاريع بسبب التعديلات والإضافات التي تضاف بعد توقيع العقود.. والعشوائية في تنفيذ شبكات البنى التحتية.. أم الفساد الذي يحصل عند ترسيه وتنفيذ هذه المشاريع هو أحد الأسباب؟.
من وجهة نظري أن هذه التساؤلات هي ما يدور حولها أساب تأخر المشاريع وتعثرها، لذا هذه الأسئلة تتطلب مراجعة شاملة من قبل مسؤولي المشاريع المتعثرة، للوقوف على الأسباب الفعلية المؤثرة ومعالجتها لتصحيح مسارات ما انحرف منها، وتلافي تكرارها في المشاريع المستقبلية. ولكي نصبح عادلين برؤيتنا كما في زاوية بناء هذه أنه على الرغم مما تمر به بعض المشاريع المتعثرة، إلا أن هناك مشاريع متعددة رائدة على مستوى الوطن والمنطقة العربية كلها في قطاعات الدولة المختلفة (القطارات في المدن وبينها، ومنها قطار الرياض، المتنزهات والحدائق الكبرى كمتنزه وادي حنيفة، التوسعة في الحرمين الشرفين وغيرها...) يقف خلفها مسؤولون أكفاء مخلصون لا تفوتهم أي شاردة وواردة، يشكلون قدوة ونماذج ناجحة يحتذى بها.