د. أحمد الفراج
عندما استقطب حمد بن خليفة أقطاب الإسلام السياسي السعوديين، حرص على أن تكون العطايا جزلة، وبالتالي أصبح القرب من نظام الحمدين مغنماً، وبسبب ترويج الحزبيين لقطر ودفاعهم المستميت عنها، وتصفيق العوام لهم، راقت الفكرة لشريحة لم يحلم بها حمد، وهي شريحة «إخوان الإخوان»، وهذه الشريحة تتميز بأنها بلا لون ولا طعم ولا رائحة، تمتهن الارتزاق بالكلمة، وتسير مع التوجه السائد، فهم ليسوا حزبيين بالضرورة، بل يبحثون عن ضوء وتصفيق وشهرة مزيَّفة، والحزبيون السعوديون بارعون في استقطاب هذه الفئة، ويتبعون خطوات منظَّمة في رفع مكانتها، ومن ثم استخدامها ضمن خلاياهم، وهذه الخطوات تشمل إتاحة الفرصة لهم للتصوير مع شخصيات اعتبارية، وإبرازهم في البرامج التلفزيونية، التي تخضع لسطوة الحزبيين، مع ما يتبع ذلك من مردود مالي وخلافه.
هذه الفئة، التي تشمل كتّاب ومغرِّدين، تم استقطابها، وأصبحت داعماً رئيسياً للحزبيين، لإثارة البلبلة في الداخل من جهة، والدفاع عن نظام الحمدين من جهة أخرى، ولم تتورَّع هذه الفئة عن إظهار فتنتها بقطر وكعبة المضيوم، كما لم تتورَّع عن نشر صورها مع رموز نظام الحمدين، من ساسة وكتّاب ومغرّدين قطريين، بل أصبحوا يتفاخرون بذلك، وهكذا صار الأمر مثل لعبة الدومينو، هذا يزّكي ذاك، وأخذ العدد يتكاثر، ولعل هذه من الحالات النادرة في التاريخ الإنساني، فقد جرت العادة أن يكون هناك ولاءً سرّياً لجهة خارجية، لكن أن يكون الولاء علنياً وعلى المكشوف، فهو أمر نادر الحدوث، ففي قطر ذاتها، يستحيل أن يكون هناك طابور خامس تابع لدولة أخرى، ولكننا كنا في حالة تسامح عجيبة، أحسنت الظن كثيراً، حتى أصبح طابور نظام الحمدين يملأ كل مكان.
لا يراودني شك في أن نظام قطر لم يصدّق سهولة الاستقطاب من جهة، وحالة التسامح مع هذا الاستقطاب من جهة أخرى، وبلغ الأمر درجة أن مبتعثين سعوديين، يدرسون على حساب المملكة، لا يتورّعون عن الإشادة بعزمي بشارة، بل ويغرِّدون تبعاً لإستراتيجية قطر، مثل الهجوم على وسائل الإعلام السعودية، وعلى المثقفين السعوديين، والمشاركة في كل الهاشتاقات الموجهة ضد المملكة، ومما أتذكر، أن بعض المغرِّدين والكتَّاب انتقدوا نظام الحمدين، أثناء أزمة سحب السفراء الشهيرة، التي سبقت المقاطعة، فتحمس كاتب سعودي، وكتب مقالاً يلوم فيه هؤلاء المغرِّدين والكتَّاب، ويدافع عن قطر ويثني عليها، وكان هذا باسم الأخوّة والعلاقة التاريخية بين البلدين، ولكن في نهاية المطاف، حصلت المقاطعة، التي فاجأت الحمدين، وقطعت مصدراً مالياً مهماً لطابورهم الخامس في المملكة، فلم يتوقّعوا أبداً أن تتحول حالة التسامح المؤقتة إلى حزمٍ صارم!