أ.د.عثمان بن صالح العامر
من بين أهم البرامج التي أقرها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية «برنامج تعزيز الشخصية السعودية» ووضع له خمسة عشر هدفاً كما هو معلوم، وبعيداً عن الدخول في تفاصيل هذا البرنامج وأهدافه التي اطلع عليها كثير من القرّاء في أدبيات الرؤية وخططها المستقبلية فإنني أعتقد أن من أهم القيم التي من الضروري أن تتمثل بها شخصية الإنسان السعودي في الزمن القادم (القوة) التي يفهمها البعض فهماً خاطئاً حين يظن أنها تعني القوة الجسدية أو الإقدام والشجاعة حين النزال فحسب، مع أنها ذات دلالات واسعة تختلف من وقت لآخر حسب احتياجات العصر ومتطلباته، ويمكن أن يندرج تحت هذا المصطلح اليوم ما يأتي :
* قوة الفهم والإدراك : للمصطلحات التي تتداول، وللأحداث والصدامات التي تقع، وللجماعات والأحزاب المؤدلجة التي تتلاعب بالمشاعر وتعمي العقول، وللدول والحكومات التي تطعن خفية وجهرا للأسف الشديد ، وقبل هذا وذاك الفهم والإدراك الجيد للدين الوسط المبني على التسامح والتراحم واستشعار كرامة الإنسان التي منحها له الرب سبحانه.
* قوة الانتماء والولاء : وهذا من أهم مكونات القوة اليوم، إذ إن من أخطر الأدواء وأشدها فتكاً وإفساداً وضرراً أن يكون من توضع فيه الثقة ويسند له أمر العامة ضعيفاً في انتمائه الوطني ( قيادةً وشعباً وأرضاً)، هشاً في ولائه لعقيدته السلفية الوسطية الصحيحة، يدين خفية لرايات معادية سواء أكانت دولاً أم أحزاباً وجماعات ، ويمارس التقية زوراً وبهتاناً للأسف الشديد، ولذلك لابد من تمحيص الولاءات في وقت وجد فيه للأسف الشديد المندسون في الصف من أجل تحقيق مآربهم الشخصية ، ونصرة من يدينون لهم بالولاء العقدي والفكري ويعملون من أجل نصرتهم على حساب الوطن وفِي سبيل الإضرار به ، بل يسعون لإفساده والنيل منه بكل السبل والمسارات فالغاية عندهم تبرر الوسيلة للأسف الشديد وهم من ظن بهم خيرا وفتح لهم الباب على مصراعيه ثقة واطمئنانا.
* قوة التكوين : إذ إننا في زمن يفرض على الشاب والفتاة الحرص على أن يكون متميزاً في تخصص دقيق داخل تخصصه العام، وأن يعمل في الفن الذي تخصص فيه ويحاول ألا ينقطع عن متابعة الجديد حتى وإن انتقل من كرسي التعلم لميدان العمل، فزمن الفوضى الوظيفية قد ولى وانتهى مع إطلالة عهدنا الجديد الذي أعلن عنه مهندس الرؤية وصانعها ومبدعها وداعمها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد الأمين .
* قوة العطاء : إذ إن العبرة في النهاية ماذا ستقدم للوطن، ما هو المنتج النهائي الذي سينسب لك - حسب المكان الوظيفي الذي تشغله - نوعاً وتميزاً وجودة وإتقاناً ، فالوظيفة اليوم لم تعد كما كانت مجرد رقم شاغر شغلته بل لابد من إنتاجية تقاس وتوظف فيما فيه خير الوطن ، والشباب والفتيات يتنافسون ويتفاضلون حسب إنجازهم وجودة إنتاجهم سواء في القطاع الحكومي أو الخاص .
في النهاية نحن اليوم في زمن القوة سواء على مستوى الدول أو الأشخاص، وعلى هذا فلا مكان في خارطة الوطن المبارك المعطاء الوظيفية طبعاً للكسالى والمتواكلين والضعفاء الذين يريدون الحصول على العائد المادي بلا إنجاز وإنتاج بل لابد من أن تضيف أيها الموظف أيتها الموظفة سواء أكنت قيادياً أم مديراً أو موظفاً عادياً أو عاملاً ميدانياً للَبِنات الوطن ما يزيده قوة وتماسكاً وتقدما وازدهارا. دمتم بخير وتقبلوا صادق الود والسلام .