م/ نداء بن عامر الجليدي
في هذه الزاوية وقبل أربعة أشهر من الآن فندت لقاء مبتعثي بوسطن مع وكيل وزارة التعليم الدكتور جاسر الحربش عندما دعوت اليه وسوف أستكمل اليوم ما جاء في هذا اللقاء بعد قصة زميل مهندس مبتعث سوف أذكرها في ثنايا المقال.. حيث صرح سعادة الدكتور الحربش بأن شروط الابتعاث تهدف لخدمة توجّهات الدولة التنمويّة، وتحقيق رؤيتها الوطنية 2030 من خلال خلق رأس مال بشريّ ومعرفيّ يتواكب ومُتطلّبات سوق العمل واحتياجاته.
أهداف وعبارات رنّانة لها ثقلها العلميّ والأكاديميّ في الإستراتيجيات والخُطط التنمويّة المنشودة، ولكنها هنا لا تعدو عن كونها دراسة ورقيّة أكاديميّة غير واقعيّة، مبنيّة على واقع نظريّ بعيد عن رأس المال البشريّ والمعرفيّ الوطنيّ واحتياجات سوق العمل الفعليّة ومثال ذلك زميلنا الذي ابتعث كطالب مرافق مع كريمته وبعد ذلك الحق بالبعثة عندما تحدى الصعاب ودرس بجامعة تعد من أقوى الجامعات في تخصص الهندسة، حيث تصنف بالمركز 35 على مستوى العالم وبعد أكمال 28 ساعة من أصل 32 ساعة مع معدل 4 من 4 ولم يتبق عليه سوى 4 ساعات تم إيقاف الصرف عليه بحكم أنتقال المبتعث الرئيسي لولاية ثانية لأكمال برنامج الزمالة وهذا يترتب عليه البدء من جديد وهو خريج هذه السنة وعند تواصله مع الملحقية لم يجد سوى إيقاف الصرف ومن حرقته على مستقبله والمبالغ المهدرة على دراسته يفاجئ برد من مدير المرافقين بالملحقية أن هذه الأموال ليست من شأنك البكاء عليها . فتوجه بالتواصل مع وكيل الوزارة الحربش عن طريق أحدى وسائل التواصل الاجتماعي وكان الرد السريع والتجاوب معه من قبل سعادته يسجل في صفاحاته البيضاء قبل أن يصدمه بالرد المعتاد حسب الأنظمة واللوائح تكون أنت أحد ضحاياها.
وسؤالي هنا لماذا لا يؤخذ بسياسة التحفيز والتشجيع بدلاً من سياسة المنع والتقييد الذي تحكمها أنظمة ولوائح أكل عليها الدهر وشرب؟.. التي ستحول رأس المال البشري والمعرفي من رأس مال متعلم إلى رأس مال بشري جاهل فاقد الأهلية في اختيار أهم قرارات حياته المعرفية والعملية.
الحاجة ملحة في مجتمعنا لسياسة تحفيز مبنية على زيادة رأس المال البشري والمعرفي الوطني من خلال وسائل جذب تساهم في الإقبال على التخصصات العلمية والتقنية وعلوم المستقبل التي نحتاجها لسدّ الشاغر في الوظائف العلمية المهمة التي تعاني من شحّ أعداد المُواطنين.
يفترض أنه من واقع حرص مسؤولي وزارة التعليم وعلى رأسهم ضيف بوسطن الدكتور الحربش على مصلحة الوطن وسوق العمل المحلي المرتبط برأس المال البشري والمعرفي الذي تهدف له خطة ابتعاثهم، وإحقاقاً لجانب العدالة والمساواة في التعامل مع هذا الهدف، أن يكلفوا الملحقية بدراسة كل حالة لحدة ومن لم تنطبق عليه الأنظمة تشكل له لجنة للنظر في موضوعه وبشكل عاجل لكي لا تهدر أموالنا بسبب أنظمتنا.