أبها - عبدالله الهاجري / تصوير - ميكي:
قبل عقدين من الزمن، وبالتحديد في صيف عام 1998م، كانت الإطلالة الأولى لفنان العرب محمد عبده على مسرح المفتاحة بأبها. في ذلك الصيف، وهو العام الأول لإقامة حفلات أبها السياحية الصيفية بعد بناء مسرح المفتاحة الذي يتوسط المدينة، وتم تشييده وفق أحدث التصاميم المعمارية والتجهيزات الفنية، والذي يعد الأكبر من نوعه، ومغطى بالكامل، ويتسع لنحو 3800 شخص، بدأت العلاقة بين فنان العرب وجمهور مسرح المفتاحة.
في ذلك العام لم تكتفِ أبها بحفلة غنائية واحدة فقط بل تكررت. كان حينها الراحل محمد شفيق - رحمه الله - هو من يقود الفرقة الموسيقية، وكان أبو نورة يتوسط المسرح جالسًا على كرسي، وممسكًا بالعود، ومن أمامه حشد كبير من الحضور الذي غطى جنبات المسرح. كان عدد من الجماهير يجلس على الممرات، وبعضهم يتابع الحفلة وقوفًا. من فاز هو ذلك الذي حصل على مقعد له. كان أمير منطقة عسير حينها أمير منطقة مكة المكرمة الحالي سمو الأمير خالد الفيصل أول الحضور، وكان لحضوره زخم إعلامي وثقافي لحفلات أبها الغنائية، وكان حينها أي فنان يرغب في أن يشارك في هذه الحفلات.
ومن حينها نشأت علاقة وثيقة بين فنان العرب وجمهور أبها. لم تتأرجح تلك العلاقة بمتغيرات الوقت والزمن. ظلت العلاقة كما هي، وفي تطور سريع من الطرفين؛ لذلك نجد أبو نورة يمتدح كثيرًا مسرح المفتاحة وجمهوره.. نجده أكثر إبداعًا على خشبة المسرح، يغني كأنه ابن العشرين عامًا في كل مناسبة يحضر لأبها.. نجده أكثر اهتمامًا ببرنامج حفلته، يحرص كثيرًا على انتقاء أغانٍ ليقدمها لجمهوره (الأبهاوي). في المقابل نجد جمهور المفتاحة أكثر ارتباطًا بفنانهم الأول (محمد عبده).. أكثر حضورًا له، وأجملهم سماعًا وتفاعلاً؛ لذلك فإن فنان العرب هو الأكثر تغنيًا على مسرح المفتاحة؛ شارك في كل تلك السنوات، وغاب عام 2003 م فقط، وغابت الحفلات في عامَي 2005 و2006، وغنى وحيدًا في عام 2007م، وبعدها توقفت الحفلات تمامًا عن هذا المسرح؛ لتعود الصيف الماضي بحفلة وحيدة لفنان العرب محمد عبده؛ ليكمل أبو نورة مسيرة هذه العلاقة مساء أمس الأول الخميس 19 يوليو 2018 م.
مساء الخميس كان إكمالاً لمسيرة خاصة ومتفردة، علاقة يتمناها أي فنان مع جمهوره، بل هي علاقة نادرة الحدوث وصعبة التكرار، ووسط حضور طاغٍ ومميز، تجاوز الـ 3000 شخص من الجنسين. وبالرغم من سوء التنظيم الذي صادف الصحفيين والمصورين الحاضرين للتغطية من عدم توافر مقاعد مخصصة لهم، سارت الحفلة كما خُطط لها، حضور متميز لفنان العرب، وتفاعل إيجابي من جمهور المفتاحة.
بدأت الحفلة في التاسعة والنصف مساء، واستمرت حتى الواحدة فجرًا، فصلها أبو نورة براحة 20 دقيقة فقط، وغنى خلالها 13 أغنية، تميزت؛ لأن نصف الأغاني التي تغنى بها كانت من ألحانه، ولأن الشعراء الذين تغنى بكلماتهم لهم فضل على مسيرته الفنية، كالشاعرَين خالد الفيصل وبدر بن عبدالمحسن. لم يدع فنان العرب وسيلة لفرد عضلات صوته البهي والمخملي الذي لم يكبر أو يهرم إلا واستعرضها مقدمًا واحدة من أجمل الاستعراضات الصوتية، جالبًا خبرة ستة عقود من العطاء والإبداع في ظل حالة إنصات واستمتاع وسماع من الجماهير الموجودة التي لم تستغرب التفرد من فنان المفتاحة الأول.
قدم فنان العرب أغنية «صوتك يناديني» من كلمات الأمير بدر بن عبدالمحسن وألحان محمد عبده، وأغنية «تأخرنا» من كلمات الأمير بدر بن عبدالمحسن وألحان طلال، كما قدم أغنية «جرح العيون» من كلمات الأمير خالد الفيصل وألحان محمد عبده، وأغنية «من يقول الزين» من كلمات الأمير خالد الفيصل وألحان عبدالرب إدريس، وكذلك أغنية «يا سحايب» من كلمات الأمير خالد الفيصل وألحان محمد عبده، وأغنية «مثل صبيا» للراحل إبراهيم خفاجي وألحان محمد عبده، وعاد مجددًا ليقدم أغنية «العنا» من ألحان الراحل صالح الشهري، كما تغنى بأغنية الشاعر فايق عبدالجليل «لكل شيء أول» وهي من ألحان طلال، ولبى طلب الجمهور وغنى لهم أغنية «مذهلة» للأمير عبدالرحمن بن مساعد وألحان صادق الشاعر، كما حضر بأغنية لأسير الشوق ومن ألحان محمد عبده «اختلفنا»، وقدم أغنية «أخطيت في حقي» من كلمات تركي آل الشيخ وألحان نواف عبدالله، وقبل الختام تغنى بـ»ظبي الجنوب» من كلمات إبراهيم خفاجي ومن ألحان محمد عبده؛ ليختم الحفلة بأغنية «يا مستجيب للداعي».
وكان فنان العرب قد أبدى سعادته بإحياء الحفلة، مشيرًا إلى أن أسعد حفلاته الفنية الصيفية هي التي تقام في أبها، التي نادى الجميع بزيارتها، والاستمتاع بأجوائها، ومشاهدة إنجازاتها التنموية، قائلاً إن أبها البهية والحبيبة تدعو الجميع لزيارتها.
وأضاف: «لا أبهى من أبهى ولا عسير في عسير، التي يتوافر فيها كل وسائل الراحة والجو الجميل».
وأكد أن القيادة وفرت كل سبل الترفيه، ولم يعد هناك أي افتقار في هذا الجانب، وأن كل إنسان نال حقه منه.
في حين تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الحفلة، ولاسيما «تويتر»؛ إذ تصدرت الحفلة الترند بما يزيد على 60 ألف تغريدة في أكثر من هاشتاق.