د. أحمد الفراج
نواصل الحديث عن أخطاء باراك أوباما، التي لم يكتفِ الإعلام الأمريكي بالصمت عنها، بل أشاد ببعضها، وهي أخطاء كارثية، لم تجلب الضرر على أمريكا وحسب، بل أثرت على العالم أجمع، خصوصًا منطقة الشرق الأوسط الملتهبة، ولكن إعلام أمريكا الذي يستخدم المايكروسكوب للبحث عن أي خطأ لترمب، لم يغطي كوارث أوباما، التي ارتكبها بسبب سياساته الناعمة من جهة، والبحث عن إنجاز شخصي من جهة أخرى، ويعلم الجميع أن نوري المالكي، الذي تسنم رئاسة العراق بضغط من أوباما، هو سبب رئيسي لمعظم كوارث العراق والمنطقة عمومًا، ويكفي دوره في تأسيس تنظيم داعش، ودعمه من ميزانية شعب العراق، بعد أن ترك المليارات في البنك المركزي بالموصل، ليستولي عليها التنظيم، وقد حدث كل ذلك بسبب ابتزاز حكام طهران لأوباما، حتى لا تنسحب إيران من مفاوضات الاتفاق النووي!
أوباما أيضًا سبب رئيسي لمأساة الشعب السوري، وهي مأساة وصفها معظم المعلقين بأنها الأسوأ في التاريخ الحديث، فنظام بشار، وإيران وميليشياتها الإرهابية، استباحوا أرض الشام، بعد أن تراجع الزعيم باراك عن خطوطه الحمراء، والمثير للسخرية، هو ما ذكره مستشار أوباما الخاص، بين رودس، من أن أوباما لم يكن يريد أن يضرب نظام بشار أصلاً، وإنما رسم الخطوط الحمراء للضغط على إيران حتى لا تنسحب من المفاوضات، أي أن أوباما استخدم مأساة إنسانية، لتحقيق مصالح خاصة، وهذه أسوأ أشكال الدناءة، ولم يتعرض إعلام أمريكا لكل ذلك، وهذا ليس نهاية القصة، فالإعلام لم يتحدث عن مئات المليارات، التي سلمها أوباما لإيران، قبل أن يجف حبر توقيع الاتفاق النووي، بل إن أوباما استعجل، فأرسل أموالاً طائلة (كاش) بالطائرات، فأين ذهبت هذه الأموال؟!
يخبرنا مستشار أوباما في كتابه الكاشف، أن مائة مليار دولار من هذه الأموال، التي سلمها أوباما لإيران، استخدمت لدعم تمددها في سوريا والعراق واليمن ولبنان وإفريقيا والمغرب العربي!، إذ يقول مستشار أوباما إن طهران تفاهمت مع أوباما على أن توقف نشاطها النووي، مقابل إطلاق يديها، عبر ميليشياتها المختلفة، للسيطرة على المشرق العربي (يقصد سوريا والعراق ولبنان واليمن)، وهذا فقط ما تسرب، ناهيك عما لا نعرفه حتى الآن، فهل كان الإعلام الأمريكي في زمن أوباما غير الإعلام اليوم، الذي يلاحق ترمب، ويتجسس عليه حتى داخل كواليس البيت الأبيض، وإذا كانت كرامة أمريكا تهم الإعلام، كما يزعم، فهل ارتكاب ترمب خطأ أمام فلاديمير بوتين في هلسنكي، أسوأ من استسلام أوباما لضغط وابتزاز ملالي إيران؟!، والخلاصة، هي أن هجوم الإعلام الأمريكي على ترمب سيكون له مصداقية، لو أن ذات الإعلام تعامل مع كوارث أوباما بذات الطريقة، أما وأنه صمت صمت القبور زمن أوباما، فإننا لن نكون ضحايا لتضليله المتعمد اليوم!