إبراهيم عبدالله العمار
قبل سنين قليلة في عام 2013م استيقظ كريس رينولد من نومه وأمسك بهاتفه المتنقل واتسعت عيناه: لقد صار أغنى إنسان في التاريخ!
بسبب خطأ من شركة باي بال، حوّلوا إلى حسابه 92 كوادريليون دولار، أي 92 وبجانبها 15 صفر، 92 ألف مليون مليون دولار! صححت باي بال الخطأ واعتذرت له، لكن هذا يخبرك شيئاً عن المال اليوم: المال شئ غريب. لو أن شخصاً من الماضي زارنا وأردنا أن نشرح له وسائل المواصلات الحديثة لاستطعنا حتى لو كان الشرح مبسطاً، لكن كيف نشرح مفهوم المال اليوم؟ فقد ظهرت العملة الورقية على يد الصينيين في القرن السابع الميلادي، والذين صنعوها من جلود الظباء وختموها بعبارة «وثيقة شراء»، واليوم أتى عصر بطاقات الائتمان والحوالات وعملة الكريبتو. مهمة مستحيلة!
في السابق كان هناك بعض المقايضة، مثل «أعطيك كذا وكذا من القمح مقابل شاة» لكنها كانت محدودة، ثم أتت العملة وانتشرت، غير أن بقية العالم لم يتقبلها بسهولة، فأهل أوروبا مثلاً استخدموا العملة الجلدية في القرن الثاني عشر الميلادي ولكن فقط كبديل مؤقت لما نفدت دراهم الفضة، وفي القرن 17 ميلادي أصدر أحد بنوك السويد عملة ورقية ولكنها فقدت قيمتها لما أغرقوا بها السوق، ولم يبدأوا التحوُّل لعملة الورق فعلاً إلا في القرن 18، لما صارت الورقة لا تُصنَع عشوائياً بلا قيمة وإنما لها قيمة مقابلة، أو صارت مُغطَّاة بالذهب، واستمرَّت إلى اليوم. ومن أعاجيب عصرنا أنه فقط 8% من النقود اليوم أو أقل تأتي على هيئة ملموسة محسوسة، كالعملة الورقية والمعدنية، والبقية كلها إلكترونية. يأتيك الراتب على هيئة حوالة إلكترونية، وبعدها تَستخدم بطاقة ائتمانك أو بطاقة الصراف لدفع مصاريف أو شراء بضائع. ما أعجب عصرنا، إننا نعيش اليوم في زمنٍ نحصل فيه على الأموال ونصرفها ونحوّلها لأناس في دول بعيدة ونزيد فيها ونُنقص منها...كل هذا بدون أن نراها (وهذا لحسن الحظ، فقرابة 95% منها ملوثة بالبكتيريا!).