أمل بنت فهد
حين تدفع نفسك للتحرك بعد توقف طويل، فإنك حقيقيةً تتحدى نفسك، وتقاوم الانتقال من وضعية الخمول إلى الوضع النشط، جسدياً وذهنياً، فأنت بحاجة إلى دافع قوي، لنفض الذاكرة وإظهار مهاراتك المهنية إلى السطح بعد ركود، وتلك الحالة قد تكون عند البعض مجهدة جداً، والبعض الآخر يأتيكَ مبتهجاً بالعودة إلى طاحونة الوقت، وبين قدرة ومعاناة نحتاج إلى أن نعرف سر المبتهجين بالعودة لأعمالهم بعد الاسترخاء، والهدوء، والفقد الجزئي للمهارات المهنية.
يبدو أن العائد وهو يتمتع بالطاقة، منفتح النفس والذهن للعمل، يملك توازناً بين المتعة والعمل، ويعرف كيف تتم تهيئة ذاته ليكون التحرك سلساً، بينما صاحبنا العائد الغاضب من كل شيء حوله، فإن لديه ميلاً نحو كفة الخمول، وشهية مفتوحة «ع الآخر» نحو المتعة.
من الطبيعي أن يرتبك نومك وصحوك، وبقدر تقبُّلك للوضع على أنه طبيعي، تكون قدرتك على ضبطه أسرع، ومن الطبيعي أن تحتاج إلى وقت لمعاودة سرعة الأداء بعد توقف، فهذا شأن طبيعي، أن يكون إقلاعك نحو معترك العمل تصاعدياً، فلا تحاول أن تضغط على نفسك، بل جهِّز قائمة مهام بسيطة تقوم بها، لتكن حركتك متناغمة، هادئة.
تعلَّم كيف توقظ حماسك برفق، فأسوأ يقظة أن تكون عنيفة، تعامل مع وظيفتك معاملة المحب، وإن صعب عليك، لتكن معاملة المحتاج، لأنك في أصعب حالاتك المزاجية، وحين لا تكون قادراً على محبة المكان، يمكن لتذكُّر مدى احتياجك للوظيفة أن يدفعك بحماس بسيط نحو التحرك.
الساعات الأولى قبل دخولك مقر عملك يمكنها أن ترتِّب مزاجك وتعيد صياغته، تذكَّر أن المشاعر مجرد فكرة مصورة داخل عقلك، ليس أكثر، ويعجب الإنسان أن يكون مسيطراً ومتحكماً في نفسه، وليست الظروف الخارجية من تقرر عنه.
قليل من الوقت، وتدور عجلة الروتين بسرعتها المعتادة، وتعود إلى طبيعتك، وهكذا هي أغلب الأمور التي تجد فيها صعوبة البدء، بمجرد أن تتحرك، فإنك تبتعد عن خط البداية، وتتقدم أكثر.
قليل من الصبر، ثم لا تحتاجه، هكذا هي نفسك، حين تريد منها أمراً فإنها تميل إلى البقاء في محيط دائرة الراحة، اسحبها قليلاً منها، وسوف تخرج مندفعة وتبتعد عنها، إلى عالم الإنجاز، والاستمتاع بالعمل.
وأخيراً: تذكَّر أن كل انتصاراتك في الحياة، يتفوق عليها انتصار واحد على عادة تأسرك وتمنعك عن تحقيق رغبة عميقة.