تهاني فهد الخريجي
في برنامج التطوير المهني النوعي (خبرات), والذي تنظّمه وزارة التعليم تماشياً مع رؤية 2030, وسعياً لرفع الكفاءات التعليمية والقيادية في نقل الخبرات المهنية؛ يتم الانخراط في العديد من الورش التدريبية والمحاضرات التربوية, والمشاركة في معايشة حقيقية لمدراس التعليم في جملة من الدول المتقدِّمة كأمريكا وبريطانيا وأستراليا وغيرها. يبدأ البرنامج بتطوير اللغة الإنجليزية لمسارات متعدِّدة من الكادر التعليمي في برنامج مكثّف لتعليم اللغة الإنجليزية في تلك الدول، وينتهي بتقديم مبادرات تعليمية ثرية تسهم في تطوير التعليم في وطننا الغالي.
ومن الضروري في مرحلة ما التعرّف على مستويات وأنواع نقل المعرفة والمهارة من ثقافة لأخرى؛ إجمالاً تحدث عنها عميد كلية التربية في جامعة بوستن البروفيسور ستيفين في إحدى محاضراته القيّمة، شارحاً طريقة نقل الفهم في التعليم كأساس لنقل أي خبرة من مجتمع لآخر.
والذي يمكنني أن أصنفه في ثلاث أنواع: نقل الخبر، والخبرة، والفكرة.
النوع الأول: نقل الخبر
وهو الجانب الذي يتم فيه نقل العلم من مصدره الأصلي, بدون تقليم أي من أطرافه ولا أدنى تشذيب للمضمون أو المعنى, يحصل عن طريق نقل المعرفة والمهارة الأساسية بشكلها الحقيقي، مع قليل من الوعي الذي يجعله نقلاً مفيداً في مكانه الصحيح. يكون فيه ذلك النقل مرجعاً ثابتاً، يمكن الرجوع إليه واستنباط زوايا متعددة في كل مرة .
وهو الجانب الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته عند نقل أي آية أو حديث عنه بحرفه وشكله معللاً عليه الصلاة والسلام ذلك أن (رُبّ مبَلَغ أوعى من سامع)! فقد يكون في تشكيل المعرفة بفهم الناقل, تشويه لبعض الحقائق التي تستند عليها أو ربما إغفال لبعض المقاصد الأساسية حولها, لذا كان من المهم نقلها خبراً بشكلها الأصلي.
النوع الثاني: نقل الخبرة
وهو نقل المعرفة والمهارة بعد فهمها وتجريبها مع الأخذ بالاعتبارات الأخرى التي قد لا يوجد مثيلها في مجتمعها الأصلي, والذي قد تتميز هويته بملامح مختلفة عن المجتمع المقصود في ذلك النقل, لاسيما إن كان تأثير تلك الملامح مباشراً في تطبيق أهداف العلم المنقول إلينا.
ويتم في هذا النوع من النقل تكوين خبرة إيجابية تلائم مجتمعنا وعاداتنا وواقع نظامنا التعليمي لتكون أكثر فاعلية في التطبيق, وأسهل مرونة للتجربة والاستفادة.
النوع الثالث: نقل الفكرة
وهو النوع الذي يكمن بين السطور ويقرأ ما وراء المعاني, يعتمد على نقل الفكرة التي يمكن استنباطها من أي موقع في المعرفة من مجتمعها الأصلي ومن ثم إسقاطها وتجربتها على موقع آخر مختلف تماماً عن سياق المعرفة الأصلية. تماماً مثل الذي يتذوق جمال قصيدة معينة في هندسة البناء, كون كل منهما يستخدم وحدة البناء المطلوبة (الكلمة/ الطوب) في المكان الدقيق.
فيعمم الناقل قاعدة خاصة، ويستخدمها في موقف مختلف عن الموقف الأصلي.
ففي أنواع النقل الثلاثة, يقوم النوع الأول على الاقتباس, والثاني على فهم الأساس, بينما يقوم النوع الثالث على إتقان فن القياس.
... ... ...
(*) خبرات امريكا/ بوستن