د.ثريا العريض
دقت المملكة ناقوس الخطر معلنة أنها ستوقف مرور ناقلات النفط في مضيق باب المندب حتى يضمن المجتمع الدولي أنه ممر آمن. ووراء الخطر تعنت إيران المهددة. يصرح روحاني أن إيران تتطلع إلى علاقات جوار إيجابية في المنطقة. وهناك من له رأي آخر ويهدد بإيقاف تصدير النفط العربي إن منعت إيران من بيع نفطها. سلم الله العالم من كارثة بيئية وأزمة اقتصادية وخسائر مادية حين فشلت محاولة الحوثي تفجير ناقلتي نفطنا العملاقتين.
الأحداث تتواتر في منطقة الخليج وجواره, في احتقان متصاعد يغلي ويفيض بالدماء.
داعش ما زال يقوم بدوره الإرهابي الغامض؛ يختفي ويغيب ويعود إلى الظهور في منطقة الهلال الخصيب وشمال أفريقيا يتحرك بمساحات متسعة ومتباعدة من العراق إلى سوريا إلى مصر إلى ليبيا.. ويترك من الخراب ما يحول المدن إلى ركام فوق رؤوس الأحياء.. ثم لا يقرب من أعداء العرب المعروفين؛ لا يمس إيران شرقا ولا اسرائيل غربا.
أصابع الحرس الثوري الإيراني تحرّك كل المنظمات العميلة لها من حشد العراق, إلى حزب الله في لبنان, إلى حوثي اليمن, إلى الدول الأفريقية وتربك استقرار الجوار كله. وتواصل لعن أمريكا وإسرائيل ثم لا تفعل شيئا لغزة أو القدس أو الجولان. فإيران ليست وحدها من يسعى لتغيير خارطة الجوار. تواجه الآن تهديدات أمريكا في الخليج, و اسرائيل في سوريا ودول التحالف في اليمن, إلا أنها أيضا تواجه تصاعد غضب الشوارع داخليا. وخروج الجماهير بمظاهرات حاشدة, حتى في العاصمة طهران ذاتها, معلنين معاناتهم, رافضين استمرار النظام رسمياً في رعاية ودعم انقلابات وثورات الجوار بالمال والرجال, بينما يعاني الإيرانيون الغلاء والبطالة والفقر والجوع.
ورغم أن أحداث إيران داخليا مسألة خاصة بها, إلا أن تداعياتها - سواء نجاحا بتغيير سياسة نظام الملالي في تصدير الثورة , أو فشلا إن استطاع النظام قمع المتظاهرين -, ستؤثر على مستقبل استقرار الجوار إذ ترتبط المطالبات بإيقاف الدعم للحشد الشعبي في العراق, ولنظام بشار في سوريا, ولحزب الله في لبنان, ولحماس في غزة, وللحوثيين في اليمن.
رأيي شخصيا, أن الوضع في إيران لن يسمح بتكرار فرض السيطرة بالقوة, فقد أمست المعارضة تعبر عن معاناة الجياع, لا مجرد شرارة تومض مؤقتا عند الانتخابات مسجلة موقف خلاف بين فريق الإصلاحيين وفريق المتشددين, كلاهما ينتمي لطبقة نخبوية مرتاحة ماديا, ثم تنطفئ. بل أمست مشاعر الغضب نارا تلتهب مستعرة في غالبية الشعب المهمش بكل مكوناته رجالا ونساء, إذ تعاني الأسر الغلاء والجوع وفساد وجور الملالي والحرس الثوري الذي يحميهم, فتجتمع على رفض النظام القائم وممارساته داخليا وخارجيا.
حين تتوالى اجتماعات اللجان الدولية بالأطراف المتنازعة ولا تصل إلى اتفاق ملزم, وحين تجرؤ صواريخ وزوارق محملة بالمتفجرات المهداة من إيران لتنطلق إلى مناطق سكنية ومطارات في الإمارات والمملكة العربية.. وتهدد العالم بكارثة بيئية وصناعة مشلولة و اقتصاد مدمر, يبدو أن ما يجب أن يوقف هو الفكر المريض الذي يسمح بكل هذا الإرهاب القاتل داخلها وخارجها.