رقية سليمان الهويريني
بدلاً من تعزيز ثقافة الاعتماد على النفس وتربية النشء عليها، نلاحظ تأصيل ثقافة سلبية داخل المجتمع السعودي وهي الاتكالية، فالعاملة المنزلية تحضر كوب الماء لجميع أفراد العائلة حتى أصغر طفل في المنزل وتجهز له طعامه وحتى ترتب سريره وتغسل ملابسه، وتمتد الاتكالية إلى سائق الأسرة الذي يحمل حقيبة الصبي والفتاة ويتبعهما بها للمدرسة، وهكذا يتسع نطاق الاعتماد على الآخرين من العمالة الهامشية حتى في دفع عربة التسوّق ووضع المشتريات داخل الأكياس وتوصيلها للسيارة، ويكتفي المخدوم بدس حفنة نقود في يد العامل!
ولو تساءلنا عن مدى أهمية وجود هذه العمالة الهامشية التي لا تقدِّم عملاً منتجاً للبلد ولكنها تشكِّل عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد وتستنزف الموارد مهما قل عددها، وتعبث في النسيج الاجتماعي وتحوله هشاً معتمداً على الآخرين!
ولا يعني ذلك إفراغ البلد منهم؛ فبعض فئات المجتمع تحتاج لخدماتهم مثل كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وممن لديهم مشاكل صحية، ولكن المقصود هو حصر خدماتهم على هذه الفئات فقط بحيث يخصص في المحلات الكبرى عدد قليل من العمالة المساندة تقدّم كخدمة استثنائية وليست عامة!
والمتعارف عليه في الدول المتقدِّمة والمجتمعات المتحضِّرة أن كل شخص قادر يخدم نفسه ويمارس أعماله البسيطة لعدم وجود عمالة وافدة، وقد عمدت بعض المحلات الكبرى إلى نهج الخدمة الذاتية وحققت نجاحاً، بل إن المتسوِّقين في ازدياد ويبحثون عن القطع بأنفسهم ويحملونها لمنازلهم ويستمتعون بتركيبها بلا تذمر.
إننا بحاجة لتأصيل ثقافة الاعتماد على الذات وتعويد أبنائنا عليها، وينبغي أن تنتشر هذه الثقافة بالتشجيع ومنح المكافآت سواء من خلال الأسرة أو في المحلات الكبرى بحيث يتم خصم نسبة محددة من الفاتورة لكل شخص يخدم نفسه ويضع مشترياته في الأكياس وينقلها لسيارته دون الاعتماد على العامل، وبذلك يعود الأفراد معتمدين على أنفسهم بعيداً عن الدعة والكسل.
وليس أجمل من مجتمع ناهض نشيط يخدم نفسه وغير اتكالي أو متوانٍ.