أحمد بن عبدالرحمن الجبير
غالبية السلع المغشوشة لا تمتلك مواصفات فنية حقيقية، وهي مخالفة، ومنتشرة في بعض الأسواق والمحلات، ولا مخاوف من عرضها وبيعها للناس، وتعتبر سببًا من أسباب الكوارث المتعددة، وإزهاق الأرواح، وهدر الثروات، وما ينسحب عليها من أعمال مثل الصحة، والدفاع المدني، وهدر الأموال والممتلكات بسبب رداءة المنتجات أو نهاية الصلاحية، فضعف تطبيق العقاب الصارم يشجع على الاستهتار بالأمن العام.
فالغش التجاري له أضراره على الاقتصاد الوطني، ويؤدي إلى وجود اقتصادات سوداء غير مرئية، ولا يمتلك مواصفات نظامية، وإنما فيه مخالفة للقوانين والأنظمة، ومكافحته واجب رسمي على الجهات المعنية، وبقاؤه ربما يعني وجود بعض الجهات التي تغض الطرف عنه، وتتهاون في متابعته، وربما تتعاون معه، وإلا ما السبب في اقتصار مهمة مكافحته على مصادرة البضائع فقط، ولا تشمل التاجر نفسه.
وأيضًا ما زلنا نشهد عمليات غش تجاري إلكتروني، وهو من أخطر أنواع جرائم التجارة الإلكترونية، وهناك عقوبات عديدة رادعة له، ومع ذلك لا زالت الجرائم مستمرة، ولا يوجد تراجع في هذا الجانب، والسؤال ما السبب يا ترى في بقاء هذا النمط من أنواع الغش التجاري، والذي راح ضحيته العديد من المواطنين والمقيمين، وخاصة مرضى الأغذية المنتهية الصلاحية، واللحوم الفاسدة.
ناهيك عن تزوير الشهادات العلمية وأصحابها الذين يتبوؤن مناصب مرموقة، وأيضًا تزوير العلامات التجارية التي تنتشر في السوق بشكل واضح، وفي محلات عرض ثابتة، ولماذا يتم الاكتفاء بالتحذيرات فقط؟ حتى أصبح الغش التجاري يؤثر على الأمن الاجتماعي، وكثرت البضائع المغشوشة، والمخالفة للمواصفات، وتجاوزت أصولها 40 مليار ريال، وخسائرها 15 مليار ريال، رغم الدور الكبير الذي تقوم به هيئة المواصفات والمقاييس، وحماية المستهلك في حماية الاقتصاد الوطني.
فحجم سوق الغش التجاري مهول جدًا، ولا يمكن أن يكون نشاطًا فرديًا فقط، مما يستدعي فتح تحقيق كبير في انتشاره، ومعرفة الأسباب التي تحول دون ضبطه، ناهيك عن غياب الشفافية والمعلومات الصحيحة عن حجمه الحقيقي، وآثاره المستقبلية على أمننا الاجتماعي والاقتصادي، ولماذا تحتفي وسائل إعلامنا بالضبطيات ولا تتساءل عن الأسباب التي لم تلق علاجًا جذريًا ونهائيًا حتى الآن! ومن هنا يأتي دور الجهات الرقابية من حماية المستهلك، ووزارة التجارة والأمانات، وهيئة المواصفات والمقاييس، ووزارة الصحة، ومصلحة الجمارك، ومؤسسات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، فلو تفاعلت، وتعاونت مع بعضها لمكافحة الغش التجاري لتحققت المكافحة بشكل أفضل.
وعليه نقترح إنشاء دائرة خاصة، وتسمى دائرة الأمن الاقتصادي، وتتبع الجهاز الأمني مباشرة، مهمتها الرئيسة حماية الاقتصاد الوطني من الغش التجاري والتزوير، والمساهمة في سد الثغرات القانونية في أنظمة محاربة الغش التجاري، ومعاقبة التجار والمتورطين، والتشهير بأسمائهم في وسائل الإعلام، وتطبيق غرامات صارمة عليهم وخاصة من يبيع الأغذية، واللحوم المنتهية الصلاحية.
كما أننا نناشد الجهات المختصة الوقوف بقوة ضد الغش التجاري الذي يسيئ لاقتصادنا الوطني، وتوجيه الجهات المعنية، وخاصة وزارة الإعلام، وجميع الصحف المحلية، ووسائل الإعلام المرئية، والمسموعة لمحاربة هذه الظاهرة، وتوعية المواطن، وترشيده عن الغش التجاري حماية للمواطن ولثروات الوطن.