د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
استحواذ أرامكو على حصة إستراتيجية في شركة سابك لا زالت في مراحلها المبكرة، وهناك مناقشات مع صندوق الاستثمارات العامة بشأن هذا الاستحواذ، ولا يزال هناك تقييم لهذا الاستحواذ وهي جزء من التحول الإستراتيجي الذي بدأته شركة أرامكو في عام 2011 من كونها الشركة الأولى الرائدة في العالم في مجال الطاقة إلى أن تكون الشركة الرائدة في العالم في مجال الطاقة والكيماويات.
هناك خياران أمام أرامكو إما إنشاء مشروعات جديدة مثل مشروع صدارة وبترو رابغ أو عن طريق الاستحواذ مثل شراء حصة 50 في المائة من لانكسيس الألمانية التي تمت في عام 2016 المشهورة بتميزها في صناعة المطاط الصناعي، وجميع مشروعات أرامكو العالمية في مجال التكرير تتضمن هدفاً كبيراً يتمثل في تحويل نسبة عالية من النفط الخام إلى كيميائيات، مثل المشروع المشترك في الهند وماليزيا، وكذلك استثمارات شركة موتيفيا المستقبلية في الولايات المتحدة.
ويأتي في هذا السياق الصفقة المحتملة للاستحواذ على حصة إستراتيجية في سابك، والتي تدعم أكثر من هدف إستراتيجي للشركة، وعلى رأسها موازنة التقلبات بين عوائد التنقيب والإنتاج وعوائد التكرير والكيمائيات، حيث إن عوائد قطاع التنقيب والإنتاج تتأثر سلباً لدى انخفاض أسعار النفط العالمية، بينما عوائد قطاع التكرير والكيمائيات تحقق عوائد جيدة مع انخفاض أسعار النفط العالمية.
سابك هي الشركة السعودية المرموقة التي تعد الثالثة عالمياً والتي تربطها مع أرامكو علاقات متميزة منذ بداية تأسيسها، وتهدف أرامكو في هذا التحول الذي يضمن مزايا التكامل وفرص النمو والقيمة المضافة وتنويع مصادر الدخل، وتعزز الصفقة موقع أرامكو التنافسي في زيادة الابتكار وتعميق سلسلة التصنيع إلى المنتجات المتخصصة عالية القيمة وتحقيق أكبر قدر ممكن من القيمة المضافة على كل برميل نفط وكل قدم قياسية مكعبة من الغاز الذي تنتجه الشركة.
الاستثمار في مجال الكيمائيات هو أحد السبل لدعم الأعمال في مجالي التكرير والتسويق الذي يشهد نمواً بنسبة 3 في المائة وهو أسرع من معدل نمو الاقتصاد العالمي، أو الطلب على الوقود، وسينمو بمقدار 50 في المائة عما هو عليه الآن على مدى ال20-25 سنة المقبلة، حيث ترى أرامكو أن الاستثمار في الكيمائيات هو أحد السبل لدعم الأعمال في مجالي التكرير والتسويق التي تشهد هي الأخرى نمواً، والتي تقع ضمن إستراتيجيات الشركة على المدى البعيد لتحقيقه وهو تحويل اثنين إلى ثلاثة ملايين برميل من النفط إلى كيمائيات.
هذا الهدف له عدة فوائد منها زيادة القيمة المضافة التي تساهم في تنويع مصادر الدخل وخلق وظائف جديدة وتأمين مصدر لتسويق إنتاج الشركة من النفط خارج قطاع النقل، لأن غالبية استهلاك النفط العالمي يتم عبر قطاع النقل الذي له أثر إيجابي فيما يتعلق بالتغيير المناخي لأن الاستخدام النهائي للنفط في مجال الكيمائيات وليس في مجال المحروقات يساعد في خفض انبعاث الكربون.