د. أحمد الفراج
نستكمل الحديث، عن العلاقة الخاصة، التي جمعت الإعلامي، فريد زكريا، بالرئيس باراك أوباما، وكلاهما خريج جامعة هارفارد العريقة، فأوباما بزغ نجمه هناك، عندما رأس تحرير مجلة القانون، كأول أمريكي من أصول إفريقية ينال هذا الشرف، وهو حدث لاقى أصداء واسعة، ثم حصل على شهادة الدكتوراة في القانون، وزكريا حصل على الدكتوراة في العلوم السياسية، وبعدها أصبح نجما إعلاميا شهيرا، وكنت كتبت عن زكريا فيما مضى، وقلت إنه باحث وكاتب عميق، والأهم أنه محايد، يبرع في قراءة الحدث، ثم يبرع مرة أخرى في التحليل والاستشراف، واستمر على هذا المنوال فترة غير قصيرة، ثم حدثت الانتكاسة!.
قبل عدة سنوات، تم اتهام فريد زكريا بالانتحال، إذ تم كشف أنه كتب مقالا، ضمّنه نصا لكاتب آخر، وكانت فضيحة كبرى، أحدثت زلزالا لدى معجبيه، فهو اسم كبير، لا يمكن تصور أنه سيفعل مثل هذا الفعل الرخيص، ثم تمت معاقبته وإيقافه، وكان ممكنا أن يسدل الستار على قصة نجاح هذا المهاجر العصامي، الدي شق طريقه في أرض الأحلام. هذا، ولكنه عاد، وتمت التعمية على موضوع الانتحال!، وأصبح يكتب في جريدة الواشنطن بوست، ويقدم برنامجا تلفزيونيا سياسيا أسبوعيا على قناة سي ان ان، ولكنه لم يعد زكريا الذي نعرفه من قبل!.
لقد تغير زكريا إلى حد كبير، وأصبح منحازا في تحليلاته السياسية، إذ أصبح له موقف حاد من دول الخليج، ومن المملكة تحديدا، وفي المقابل، أصبح منحازا لحكام طهران بشكل لا يليق بمثقف يساري محترم مثله، وقد شاهدت برنامجه عشرات المرات، ففي الوقت الذي يتحدث فيه بحدّة عن المملكة، يتحول إلى حمل وديع أمام ضيوفه من الساسة الإيرانيين، ويفسح لهم المجال ليتحدثوا كما يشاؤون دون مقاطعة منه، كما أنه يتحدث ويكتب عن « حضارة إيران وتاريخها»، ومن هنا سأزعم أن كره أوباما للعرب، وإعجابه بإيران وحضارتها، وهو الأمر الذي جعله يتعامل مع حكام طهران بنعومة، ويحرص على إنجاز الاتفاق النووي المجحف بحق أمريكا، كان بتأثير من أفكار فريد زكريا، تماما كما كان دعمه للربيع العربي، والذي فصلنا فيه في المقال الماضي!.