رقية سليمان الهويريني
يبدو أن الإجراءات الحكومية بشأن محاصرة التستر التجاري قد بدأت تؤتي أكلها؛ فالأخبار تتوالى حول تساقط منظومة التستر التي عاثت في بلادنا فسادًا! مما يشير لمرحلة جديدة من معالجة البطالة وحفظ الأموال بدلاً من مغادرتها البلاد. والتستر هو سوق سوداء داخل السوق السعودية؛ إذ تسجل الأنشطة والمحال بأسماء سعوديين، وهي مملوكة فعليًّا وبشكل مخالف لوافدين؛ وهو ما يفت في عضد الاقتصاد، ويفاقم البطالة.
وقد تغلغل التستر التجاري في نسيج الأسواق السعودية بشكل عميق ومخيف ومعقد لدرجة الإحباط؛ إذ لا بارقة أمل توحي بحل هذه المعضلة لصعوبة محاصرتها والقضاء عليها.. إلا أن الإجراءات المنبثقة من «البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري»، إحدى مبادرات منظومة «التحول الوطني 2020»، أخرجت الأفاعي من جحورها.
ويتضمن البرنامج عقوبة السجن لمدة تصل لسنتين، وغرامة مليونَي ريال، والتشهير في الصحف المحلية، وترحيل الوافد المخالف خارج المملكة، وإغلاق المنشأة، وتصفية النشاط، إلى جانب شطب السجل التجاري، والمنع من مزاولة النشاط نفسه.
ويعول نجاح البرنامج على المواطن كثيرًا؛ فهو يعد شريكًا إيجابيًّا في حالة التبليغ عن أي نشاط مشبوه، إلا أن الصعوبة تكمن في إيجاد الدليل على وقوع التستر! فالنشاط التجاري يحمل الشكل النظامي المطلوب إقراره، بينما في مضمونه لا يمت للنظام بصلة.
وما لم يتم الإلزام بفتح حسابات بنكية للمنشأة، ومراقبة حركة الأموال بين الموردين ومنافذ البيع التجارية، إضافة إلى مراقبة ومتابعة الحوالات الصادرة من المملكة للخارج، سواء بأسماء مواطنين أو وافدين.. فلن يتم القضاء تمامًا على التستر، فضلاً عن توعية المواطن التاجر بالمخاطر المعنوية والمادية التي يخسرها هو والوطن بسبب مشاركته في هذه الجريمة البشعة، وما يجره فعله بحرمان نفسه والبلد من موارد وخبرات عظيمة، ينعم بها الوافد.
المزعج في الأمر هو استغلال أسماء سيدات سعوديات بفتح سجلات تجارية بأسمائهن، وتسليمها لوافد؛ وبالتالي تعرُّضهن للسجن والغرامة مقابل فتات شهري، يدخل في حسابهن؛ وهو ما يستوجب توعيتهن، وتحذيرهن؛ كي لا يقعن فريسة الوافد الأجنبي.