مها محمد الشريف
في ظل التوازن الجديد باتت المعرفة تتعلق بتحولات أخرى حديثة العهد لا تشكل سوى جزء منها بحيث تختلف أهميتها باختلاف الميادين والمستويات، وفي أقصى شمال غرب المملكة العربية السعودية تولد اليوم مدينة ذات حلة عصرية جديدة وذات مضمون ومحتوى مهم وعميق في عالم الاقتصاد والسياحة والسياسة.. هناك ستقام «نيوم» في منطقة تبوك، حلم الغد المشرق والمستقبل الواعد، تنهض هذه المدينة الاستثمارية بتكلفة تقدر نحو 500 مليار دولار وتمتد على مساحة نحو 26 ألف كيلو متر مربع، على شواطئ من الرمال الذهبية، بين البحر النقي وتكوينات من الجبال الأعجوبة، تذهل زائرها بطبيعتها الجغرافية قبل أن يستحضر خياله حجم العمل القادم وتباشير المستقبل الواعد في المسيرة السعودية الزاهرة.
من هنا تكون العلاقة بين القيمة وكمية العمل المبذول تحدد قيمة الإنسان في الصيرورة الإنتاجية، وفي تلك المناخات يكون الخير الأسمى وهو الذي ينتظره الناس، فهو الدلالة على متانة وتعافي الاقتصاد، وأكثر من ذلك أهمية اطلاعهم على الخيارات المؤدية إلى أهداف ممكنة التحقق، فكل مجتمع يريد أن يشارك في الثروات المادية ويتوق إلى مساهمة فعالة.
وفي أضخم مشروع سعودي يمتد بين ثلاث دول، بوصفه «الشئ الفريد الذي سيحدث ثورة» تلك الحقيقة المؤكدة بفعل وقول الأمير محمد بن سلمان: «إنه مدينة نيوم التي جمع اسمها بين Neo باللاتينة وكلمة مستقبل بالعربية، وكان من اسمها ملخص لما يخطط له أن يكون المستقبل»، فحسبنا أن نذكر هذا الناتج الاقتصادي لهذا المعلم المهم والضخم ودوره في التحول من الاستهلاك إلى الاستثمار.
وتبعًا لهذه الرؤية الشاملة التي تروي تاريخًا قريبًا جدًا تحدد نفسها جوهريًا بأن لها مشروعًا ووعيًا يميز بين الحاضر والماضي، ومجتمعات تاريخية متغيرة وواعية بأنها تتغير بالقدر الذي تحدده وتخدم مصالحها، وهذا أمر يعوزنا كشكل من أشكال اكتساب الصفات الاجتماعية المندمجة مع تاريخية الإنسان التي تظهر في كل عصر من خلال مشاريعه كون الإنسان بحد ذاته هو كائن مشروع.
فالإنسان مقياس كل شيء وهو جزء من المجتمعات الحديثة، من هنا يحكم على قيمة حضارة ما بمستوى تقدمها التقني، وبناء العالم التاريخي للعلاقات الدولية في عالم جديد بالنسبة إلى الاعتبارات الدبلوماسية أو الحقوق التقليدية، ومشروع نيوم الكبير سيكون ضمن أراضي المملكة، وبناء على التاريخ الدبلوماسي والوحدات السياسية المنظمة والمقاربة بين الأشقاء سيكون جزءًا من المشروع داخل الحدود الأردنية والمصرية، وستكون ممتدة بين البحر الأحمر بطول 468 كيلومترًا وسلسلة من الجبال المحيطة بها مع سهول من الصحراء في موقع إستراتيجي.
إذ يتعلق الأمر في كل الحالات بنمط علاقة مميزة متزامنة مع العلاقات الاقتصادية، حيث سيكون المدخل الرئيس لجسر الملك سلمان الذي سيربط بين المملكلة العربية السعودية ومصر، ونستطيع أن نقول هنا على هذا السطر: هي مجموعة علاقات بين الدول بل بين القارتين آسيا وأفريقيا.