** لم يكن «الأمن الإلكتروني» حاضرًا بذات الأهمية والتأثير حتى أضحى الآن معادلاً «للأمن الميداني»، فكلاهما منفردين ومتعاونين، مسؤولياتهما تحقيق الأمن للدول والشعوب.
المملكة كانت من أوائل الدول التي رأت ضرورة حفظ وحماية «محتويات المعلومات داخل منصات الإنترنت فضلاً عن الحد مما يشكل خطورة على الدولة والفرد والمجتمع.
لذا أضحى الأمن الإلكتروني خيارًا ضروريًا للاستقرار والنماء والسلم الاجتماعي فكان أن تم إنشاء «هيئة الأمن السيبراني» واتحاد الأمن السيبراني «الإلكتروني».
* * *
ورغم حداثة هذين الجهازين وتعاملهما مع عالم جديد وتقنيات تتغير باليوم، إلا أننا بدأنا نرى بدايات حراكهما، ولعل البعض لم يدركوا أهمية وخطورة ومفهوم الأمن السيبراني «الإلكتروني».
وقد جاء في «ويكيبيديا» تعريف مختزل له فهو «مجموع الوسائل التقنية والتنظيمية والإدارية التي يتم استخدامها لمنع الاستخدام غير المصرح به، وسوء الاستغلال واستعادة المعلومات الإلكترونية ونظم الاتصالات والمعلومات التي تحتويها، وذلك بهدف ضمان توافر واستمرارية عمل نظم المعلومات وتعزيز حماية وسرية وخصوصية البيانات الشخصية واتخاذ جميع التدابير».
* * *
وهذه الأهمية للأمن السيبراني الإلكتروني تفرض ألا يعمل فيه إلا أبناء الوطن، وقد سرَّني توجه المسؤولين عن الأمن السيبراني، بقصر العمل فيه على الكفاءات الوطنية.
وقد أبان معالي رئيس اتحاد الأمن السيبراني والمستشار بالديوان الملكي الأستاذ سعود القحطاني عن قصر العمل فيه على المواطنين، حيث ذكر بتغريدات حاسمة جاء بإحداها «سيكون للأمن الإلكتروني والبرمجيات وقفة جادة بخصوص توطين الوظائف التقنية بنسبة 100 في المائة -بإذن الله- بالقريب العاجل»، وفنّد بتغريدة أخرى ما رآه البعض من صعوبات تكتنف ممارسة كفاءات الوطن العمل بهذا الميدان التقني، ورأى القحطاني أن مثل هذه العراقيل والتبريرات هلامية لا يعضدها نجاح الكفاءات السعودية عندما دخلت هذا الميدان، والذي سيوفر عشرات الآلاف من الوظائف بوصف التوطين هدفًا للحكومة.
ولعل ما يؤكد ذلك ما رأينا من نجاح القدرات الوطنية من شباب وشابات سواء بالقطاع الخاص أو الحكومي، فقد أثبتوا كفاءتهم ونجاحهم بتكنولوجيا المعلومات والبرمجة والصيانة، وإدخال المعلومات والحفاظ عليها، وكانت آخر تجربة لهم عندما استطاعوا أن ينهضوا بأسواق الجوال.
ولعل آخر ما أبهجنا من تفوق وتميز قدراتنا السعودية هو تكريم الاتحاد العالمي للسلامة ببريطانيا للمبتعثة السعودية نور الريس بجائزة الإنجاز بالأمن الإلكتروني، وذلك بحفل أقيم قبل أيام بمجلس العموم البريطاني، وقد جاء بأسباب منحها الجائزة إنجازها مشروع «Alich secuiry»، وتعكف الآن على استكمال مشروعها بكيفية تقديم خدمات أمنية بمجال الأمن السيبراني وتقديم حلول الحماية.
* * *
وقبل ختام سطوري نتطلع لقيام وتبني الهيئة والاتحاد بالتعاون مع الجهات المعنية الأخرى حملة توعية للمواطنين ليشاركوا بتحقيق الأمن الإلكتروني.
وهذه التوعية لا بد أن تأتي عبر خطابات وعي فاعلة ومؤثرة تبلور مفاهيم هذا الأمن وضرورته وآثاره على أمن الوطن وأبنائه ومكتسباته العلمية والتنموية والحضارية.
إن المواطن بإدراكه لهذا الأمن وأهميته وآثاره ومآلاته، سيكون شريكا بنجاح «الأمن الإلكتروني» حول كثير مما يطرح المحتوى» الذي تبثه كل دقيقة منصات التقنية والذي قد يهدد أمن الفرد والوطن وهذا دور هيئة الأمن السيبراني، التي تضطلع بتعزيز الأمن السيبراني للدولة وحماية مصالحها الحيوية وأمنها الوطني والبنى التحتية الحساسة فيها.
والدور الآخر يقع على عاتق «اتحاد الأمن الإلكتروني» الذي يعنى بالأوعية التقنية التي يتعامل معها الناس، والتي يتم اختراقها وتزييفها وسرقتها بالهجمات الإلكترونية على المنصات الحكومية والفردية بفضاء الإنترنت المفتوح والأمن هنا يكون بالسعي للوقاية وطرح الحلول التقنية الممكنة، ثم المعالجة لما يمكن أن تسمى «الحروب التقنية» المستمرة والمتلاحقة والتي يمكن عن طريقها مع الأسف نشر البيانات والمعلومات والأكاذيب التي تؤثر على أمن الناس واستقرار الوطن، فضلاً عن إثارة البلبلة والإساءة للآخرين.
حفظ الله هذا الوطن وأبناءه أرضا وفضاءً.