سعد بن عبدالقادر القويعي
مرة أخرى تهدد إيران بإغلاق مضيق هرمز، والذي يعتبر شريانًا رئيسًا يغذي اقتصاد العالم بالنفط، حيث يمر فيه 30 % من النفط العالمى؛ من أجل أن تهدف -فقط- إلى إطفاء نيران الداخل المشتعلة ضد النظام، ورأب صدع الانقسامات الآخذة في التصاعد؛ الأمر الذي يثبت أن النظام الإيراني أمام تحدٍ اقتصادي، وسياسي حقيقي في الداخل، والخارج؛ لأن أمن، وحرية الملاحة في الممرات المائية الدولية، لا يمكن أن يكونا مجالاً للتفاوض، أو المساومة.
غداة التلويح الإيراني الجديد بورقة مضيق هرمز، فقد تعهد الجيش الأمريكي بالحفاظ على حرية الملاحة لناقلات النفط في الخليج العربي؛ بما يعني أن خطط السياسة الأمريكية لوقف تصدير النفط الإيراني، وحرمانها من عائدات نفطها يمكن أن تنجح، ويأتي ذلك بعد إعلان الخارجية الأمريكية، أن واشنطن تسعى لتقليص الإيرادات النفطية الإيرانية إلى الصفر. -ومن جانب آخر- فإن دول الخليج ستكون مطمئنة بأن إيران لا تستطيع إغلاق المضيق؛ من أجل ألا تعطي العالم -بأسره- فرصة؛ لكي يتضامن ضدها؛ كونه يعتبر إعلان حرب من إيران ضد كل الدول المصدرة للنفط، والدول المستوردة له.
في تقديري، ورغم تصريحاتها المتكررة، لا تستطيع طهران بخوض المغامرة على إدخال تهديدها حيز التنفيذ، -سواء- بموجب القوانين الدولية ، أو موازين القوى العالمية؛ إذ من المستحيل عليها تحمل تبعات ذلك، -خصوصًا- وأن التهديدات المتتالية التي أطلقتها طهران على امتداد -أربعة عقود-، منذ الثورة الخمينية عام 1979، بإغلاق مضيق هرمز كانت هرطقة إعلامية -فقط-، بل إن محللين يؤكدون، أن إيران لا تمتلك -اليوم- المقومات التي تؤهلها لاستخدام القوى الجيوسياسية بالمنطقة، -خصوصًا- في وقت تحولت فيه العقوبات الاقتصادية إلى أزمة داخلية؛ ما يجعل طهران غير قادرة على الوقوف في وجه الولايات المتحدة، قياسًا بالتوترات السابقة بين الجانبين.
ما أشبه الليلة بالبارحة، في ظل تصعيد متبادل بين الإدارة الأمريكية، ومسؤولين إيرانيين. وعندما يتلبس جنون العظمة الفارسية ملالي إيران، فإن خلط الانتصارات النفسية بالسياسة يكون أمرًا مرضيًا؛ لأن سلوكهم أقرب إلى الانتحار الإيراني، وسيكونون على موعد مع انهيار كبير للبنية الاقتصادية الداخلية، -لاسيما- مع العقوبات المحتملة بعد الاتفاق النووي، والتي قد تطال صادرات النفط الخارجية، مع أهمية الإشارة إلى أن العالم سيكون مستعدًا لضمان حرية الحركة، وتداول التجارة الحرة؛ وفقًا لتصاريح القانون الدولي؛ ومن أجل ألا يخلق أجواء حرب في المنطقة.