رمضان جريدي العنزي
لبعض العالم معنا وجهان مختلفان ومتنافران، وجه حسن، ووجه آخر قبيح، لبعض العالم معنا حالات مثل حالات (الزار) يبدأ بهدوء وسريالية، وينتهي بعنف وإغماءة، لبعض العالم معنا طقوس غريبة بعضها مفهوم، وبعضها الآخر يستعصي على الفهم والإدراك، لبعض العالم معنا حالات مثل حالات الغيم مرة يجيء أسود قاتماً، ومرة يجيء يسر الناظرين، لبعض العالم معنا مناخات مختلفة، مرة مناخ لطيف غاية بالجمال والروعة، ومرة مناخ متقلّب وأحواله سيئة، مرة معنا قمر ونجوم وريح خفيفة ورائحة عشب مبلّل بالندى، ومرة معنا مثل حمى شديدة ووجع، مرة لهم معنا اشتهاء سلام وخير وتعاون، ومرة لهم معنا اشتهاء تخريب، وهواية تدمير، ومواصلة لغو وبهت وتلفيق، لبعض العالم معنا مثل ذوق طعم، مرة يشبه طعم الشهد شديد الحلاوة، ومرة يشب طعم الحنظلة غاية بالمرارة، لبعض العالم معنا حالات متناقضة مرة هائمون بحبنا، ومرة نافرون منا، مرة يتسمون معنا بالعدالة والنزاهة، وفي كثير من المرات يجعلوننا شماعة يعلقون عليها أخطاءهم وحماقاتهم انكساراتهم وذنوبهم، لبعض العالم معنا فكر سلطوي، وفكر استبدادي، وفكر سادي، وفكر تصنيفي، ومرة عكس ذلك حسب مصالحهم والمنافع، لبعض العالم معنا فهم متفاوت، مرة يعرفون بأننا شعب لنا ثقافة وبيئة وعادات وخصوصية، ومرة ينسون كل هذا ويديرون لنا ظهر المجن، لبعض العالم معنا، بشاعة ظلم، وبشاعة قهر، وبشاعة جبروت، لكن في المقابل لم يعرف هذا البعض من العالم بأن لنا فزعة شجاع، ونخوة رجل، وعطاء كبير، وجود كريم، وصبر حكيم، وغضب حليم، ولنا قرارنا الأول والأخير، ونعرف كيف نوجه البوصلة بالتمام والكمال، لبعض العالم معنا تعامل كأننا قصّر، أو خدج، ليس لنا حق القرار، ولا حق الاطمئنان، ولا حق النوم، ولا حق الاسترخاء، ولا حتى حق التخيلات الكاملة، وما دروا بأن لنا هذا الحق كله بلا وصاية من أحد، ولا منّة، ولا استجداء، ولا ذلة، ولا خضوع، لبعض العالم معنا تصرفات صبيانية طائشة، وتنطّع غريب، ومراهقة سياسية، وغبش في الرؤية، وعتمة في المسير، وما عرفوا بأن لنا إرثاً تاريخياً وثقافياً وعلمياً وفكرياً مجيداً وعريقاً وإطنابة ضاربة في صلب الأرض، إنني مندهش كغيري من السعوديين لما فعلته «كندا» وما قامت به سفارتها بالرياض، من تصريح مناف لكل الأعراف السياسية والدبلوماسية، أن هذا التناقض الحاد الذي مارسته كندا يعني شيئاً واحداً وهو محاولة استبداد نوعي، ومعاملةفوقية، وعنجهية غير مقبولة مطلقاً، ومحاولة فرض وصاية، أن الفكر السلوكي الذي مارسته كندا معنا في محاولة للتدخل في شؤوننا الداخلية وفرض إملاءات واشتراطات، يعد سلوكاً طائشاً، وتعدياً سافراً، ومخالفاً لأبسط الأعراف السياسية، والعلاقات الدولية، إن على كندا وغيرها أن تأخذ في الحسبان من نحن حين الحلم؟ ومن نكون حين الغضب؟ وأن تعرف كندا وغيرها، بأننا شعب اتحد مع القيادة، وتمازج معها، لهذا وبناءً عليه، على كندا مراجعة الذات، وأن تمارس على ذاتها نقداً قاسياً، ومراجعة شديدة وعميقة عامة وشاملة لسياساتها المزدوجة والمتناقضة، حتى تصبح منارة هدى، وليست منارة ضلال، ورمزاً للحق، وليست رمزاً للبهت، وميزاناً للعدل، وليست ميزاناً للباطل، وعاملاً لصنع السلام والاستقرار، وليست عاملاً لصنع الفوضى والزلازل والاضطراب.