فهد بن جليد
نُخطئ عندما نعتقد أنَّ مُلازمة العمل والتواجد فيه أطول مُدة مُمكنة هي من علامات التفاني، حتى أنَّنا نصف الشخص العصامي والمُثابر بأنَّه يعمل 12 أو 14 ساعة في اليوم، هذه ليست علامة نجاح في كل الأحوال، العبرة دائماً بالنتائج، ما فائدة العمل الكثير والإنتاج القليل؟ لا أريد الحديث مُجدَّداً عن قاعدة 80 /20 الشهيرة، وكيف أنَّ تحقيق 80 في المائة من الأهداف، قد يتم بالتركيز فقط على 20 في المائة من الأسباب، بدلاً من إضاعة الوقت والجهد الكثير في سبيل الوصول إلى ذات النتيجة، فرغم أنَّ الحياة في ظاهرها تبدو أكثر سهولة مع التقدم المعرفي والمعلوماتي واستخدام التقنية لتسهيل خطوات الاتصال والتواصل, إلا أنَّ الأمور تزداد تعقيداً لناحية تعنُّت بعض المُديرين لاستخدام هذا التقدم التقني بطريقة واحدة للمُراقبة فقط، وهو ما قد يقتل الإبداع، ويُساعد على الجمود والروتين المُمِّل، ما لم يكن صاحب القرار في المُنشأة يملك مُبادرة فعَّالة للبحث عن النجاح بأفضل صورة، وأقل جهد وكلفة.
ليس من مصلحة المُدير ولا مصلحة المُنظمة أن يبقى جميع الموظفين على مكاتبهم طوال الوقت، الحضور والتواجد الجسدي بهذا الشكل ليس كل القصة، تلك رواية قديمة لم تعد نافعة ولا مُتوافقة مع الإدارة الحديثة المبنية على أصل الإدارة ونظرياتها وقوانينها، ولكن بشكل وأسلوب وطريقة وثوب جديد ومُختلف, يتوافق مع العصر وأدواته، ثمَّة جزء آخر يُركز عليه عادة المُديرون المُتميزون، وهو الإدارة بالنتائج والإنتاج وحجم الفائدة التي يمكن أن يُضيفها كل موظف، وليس بمُجرَّد تطبيق نصوص ومظاهر الالتزام الشكلية، وأذكر هنا أنَّ أحد الزملاء قام بتقسيم الموظفين في مؤسسته إلى فريقين، كل فريق يعمل لمُدة 4 ساعات في اليوم فقط بدلاً من 8 ساعات، وهو ما جعل الإنتاج يتضاعف بشكل كبير جداً، لأنَّ الموظف يستثمر الأربع ساعات التي يتواجد فيها لتقديم أفضل ما يُمكن، فهو يأتي مُستعداً للتركيز على الإنتاج بجودة عالية، ما قدم نتائج ونجاحات مُذهلة، أكثر بكثير من إنتاج الموظفين بالكامل طوال الوقت.
إحدى القواعد الجديدة التي يسعى صاحبنا لاستخدامها -ويبحث عن مُسوِّغ قانوني لتطبيقها- هي تخفيف العمل عن الموظفين ممَّن تجاوزوا سن الـ 40 سنة وحصلوا على الخبرة اللازمة، للعمل 3 أيام أسبوعياً، تماشياً مع دراسة قديمة لمعهد ملبورن تؤكد أنَّ الاستفادة المثالية من هؤلاء تكمُن في عملهم 3 أيام فقط في الأسبوع، وتنص على أنَّ حضور هؤلاء اليومي هو مضيعة للوقت والجهد، وتلك قصة أخرى.
وعلى دروب الخير نلتقي.