خالد بن حمد المالك
ليست هذه هي المرة الأولى التي ترفض فيها المملكة الوصاية على سياساتها، أو التدخل في شؤونها الداخلية، أو إملاء الغير لتوجهات لا تقرُّ بها المملكة، ولن تكون الأخيرة، سواء من كندا أو من غيرها من الدول، فالمملكة لا تتسامح مع كائن من يكون في حشر أنفه فيما لا يعنيه، فكيف إذا كان ذلك يمس السيادة، كما فعلت كندا في تصريحات خارجيتها وسفارتها لدى المملكة.
* *
في كندا ممارسات لا تقرُّها المملكة، وسياسات تطبق فيها وللمملكة رأي لا يقرُّها، وكما أن المملكة تحترم القوانين الكندية في أرضها، فإن على كندا أن تتعامل مع المملكة باحترام أنظمتها وقوانيها وسياساتها على أرضها، بما يتماشى وينسجم مع الأعراف والقوانين الدولية، وإلا أصبح للمملكة هي الأخرى الحق في التدخل بالشؤون الداخلية لكندا.
* *
كندا معنية بمراجعة أوضاعها، والعمل على ما يحقق أمنها واستقرارها، والسعي لأن يكون مواطنوها في أفضل حال، وهي ليست وكيلة عن عباد الله، ولا المرجعية لحقوق مواطني الدول والذب عنها، وليس من مصلحتها أن تنشغل عن هموم مواطنيها، للتدخل السافر والمرفوض بأوضاع الدول كما فعلت مع المملكة، وتبنت قضية اعتماداً على أكاذيب ومعلومات خاطئة تم تمريرها من أعداء للإضرار بالعلاقات السعودية - الكندية، كما حدث في قضية الموقوفين السعوديين على ذمة التحقيق في جرائم تنظر فيها المحاكم الشرعية المستقلة بأحكامها.
* *
هناك من يقارن بين فكر (داعش) بالتصرف الأحمق للخارجية الكندية؛ لأن تصرف وزير الخارجية لا يختلف كثيراً عن ممارسات تنظيم داعش الإرهابي، فداعش تريد فرض توجهاتها حتى ولو تطلب ذلك قطع الرؤوس، ومثلها وزيرة الخارجية الكندية التي تمارس مع المملكة سياسة التحريض والإرهاب لخلق أجواء من عدم الاستقرار في بلادنا، دون أن نعي أن هذه تمنيات إرهابية لن تتحقق، وأن من أملى عليها هذا التصور وأغراها لن يتحقق لها ولا له هذا الأمل.
* *
يبدو أن وزارة الخارجية الكندية تجهل قوة المملكة وحزمها في التعامل مع قضايا من هذا النوع، وإلا لما أقدمت على تصريح كلف بلادها الكثير مما لم يكن في حسبانها، وأن طرد السفير الكندي شريكها في المؤامرة، واستدعاء السفير السعودي في كندا، وإيقاف التعامل التجاري والاستثماري، وكل ما تم الاتفاق عليه مؤخراً، واستدعاء جميع الطلاب والطالبات والدارسين في كندا ليس سوى مقدمة لإجراءات أخرى إذا ما تمادت الخارجية في تصريحات عدوانية بحق المملكة.
* *
ربما تسعى كندا الآن (لرمرمة) العلاقات مع المملكة، فتبحث عن وسيط ليقوم بدور كهذا بعد أن أصيبت العلاقات بما يقترب من مقتل فيها، ولكن حتى هذه لن تتحقق لكندا إلا بشروط تمليها المملكة، للتأكد من أن كندا لن تكرر مثل هذا الخطأ الجسيم بحق المملكة، فالعلاقات الدولية يجب أن تحترم، وإلا تحول العالم إلى فوضى وعدم استقرار.
* *
هناك من استغل هذا التصرف الكندي غير المتوازن، وراح ينفخ لإذكاء نار الفتنة، وإفساد العلاقات السعودية - الكندية بأكثر مما هي عليه الآن، وحتى لا تعود هذه العلاقات مجدداً إلى شيء من التعاون بعد فترة من الانقطاع والفتور، وإذا ما استجابت كندا لهذه الأصوات النشاز، فإنها هي الخاسرة، وهي من سوف يدفع فاتورة الضرر الذي سيلحق بهذه الدولة البعيدة عن ديارنا.