د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
أزمة السكن المعضلة الأكثر إرهاقًا للحكومات حول العالم، وبشكل خاص في السعودية، بعد فترة طويلة من المضاربة على العقارات التي اتخذها المستثمرون مخزن قيمة، لكن الدولة أوقفت هذه الظاهرة، ودخل السوق العقاري مرحلة تصحيح، وتوقفت الفقاعة العقارية، وسيتحول السوق العقاري إلى مرحلة ترتبط بمرحلة العرض والطلب، وخصوصًا بعدما دخلت السوق وزارة الإسكان عبر برنامج سكني.
لم تتوقف وزارة الإسكان عند هذا الحد، بل رعت العديد من الاتفاقيات لتحفيز تمكين عدد أكبر من المواطنين من تملك المنازل، بما يرفع نسبة التملك 60 في المائة بحلول عام 2020، و70 في المائة بحلول عام 2030. ومنطقيًّا تتجه وزارة الإسكان نحو استهداف المشاريع السكنية الموجودة داخل المدن لتوفير وحدات تحقق رغبات المستفيدين بدلاً من التركيز على بناء الوحدات في أطراف المدينة التي لن يقبل عليها الشباب بسبب بُعد المسافات عن أماكن العمل، وبسبب غياب بنية تحتية للنقل العام، وفي الوقت نفسه ارتفاع أسعار البنزين.
وبرنامج البناء الذاتي من البرامج التي سوف تكون ناجحة، ولكنها بحاجة إلى شركات متنافسة قادرة على تولي البناء الجماعي بدلاً من البناء الفردي وفق نماذج موحدة لتقليل تكاليف البناء والجودة في الوقت نفسه وفق مواصفات بناء موحدة.. وتستطيع تلك الشركات إنشاء مصانع لبناء الكتل مسبقة الصنع، وخصوصًا إذا كان هناك عدد كبير من الوحدات، يسمح بإقامة تلك المصانع خصوصًا، والبناء لمن يمتلكون أراضي، والبناء في فترة وجيزة جدًّا بسبب الاعتماد على الكتل مسبوقة الصنع.
تخطت وزارة الإسكان أيضًا مشكلة صغر الوحدات التي اعتمدتها في الفترة الماضية، والتي لا يقبل عليها الشباب خصوصًا إذا كانت في أطراف المدينة، واتجهت في الدفعة السابعة من برنامج سكني التي يصل عددها إلى 25048 وحدة من ضمن إجمالي عدد الوحدات منذ بداية عام 2018 بنحو 153991 وحدة حتى يوليو، وهو مشروع مشترك مع القطاع الخاص؛ إذ بلغت أسعارها نحو 850 ألفًا للوحدة، وستتحمل الدولة القيمة المضافة للمسكن الأول لهذه القيمة البالغة 42.5 ألف ريال؛ ما يعادل 5 في المائة، هذا بالإضافة إلى أن وزارة الإسكان أيضًا تتحمل الفوائد للمسكن الأول، ولمن راتبه أقل من 14 ألف ريال، لكن على وزارة الإسكان أن تعيد النظر في تحمل نسبة من تلك الفوائد لمن راتبه أعلى من 14 ألف ريال، وتقل تلك النسبة كلما ارتفع الراتب للمسكن الأول.
لم تتوقف الدولة عند شراكة وزارة الإسكان مع صندوق التنمية الذي هو أيضًا أقام شراكة مع المصارف والمؤسسات التمويلية، ويحرص على توفير الخيارات كافة أمام المستفيدين؛ إذ يمكنهم الحصول على القرض لشراء الوحدات السكنية الجاهزة أو التي تكون تحت الإنشاء، إلى جانب البناء الذاتي، وكذلك تمويل القرض القائم، وذلك بما يخدم جميع الفئات من قوائم الانتظار، وبما يسهم في تسريع استفادتهم من القروض.
كما لجأت وزارة الإسكان إلى إعادة التمويل الذي ينعش سوق الإسكان؛ فوقَّعت وزارة الإسكان اتفاقية إعادة شراء محفظة تمويل من دار التمليك، تقدر بنحو 1.2 مليار ريال، وهي شركة مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة. وتُعد هذه الاتفاقية الخامسة التي توقعها الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري تأكيدًا لأهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص لضخ أكبر سيولة في سوق التمويل السكني وتمكين المقرضين من تقديم حلول سكنية أكثر، وبتكلفة أفضل؛ وذلك لتعزيز استقرار السوق الثانوية للتمويل السكني من أجل تطوير سوق الإسكان، وتحقيق رؤية 2030.