د.ثريا العريض
مع المتابعة الإعلامية المكثفة في كل القنوات العالمية للأزمة المفاجئة بين كندا والمملكة العربية السعودية, ومتابعة تغطياتها وتفاصيل وتداعيات تأطيرها, يتبين للمتابع الحيادي ليس فقط تباين وجهات النظر, بل وتجيير كل متحدث يدلي بدلوه فيها لخدمة موقفه المسبق من السعودية. تحت راية الدفاع عن حقوق الإنسان يبرر كل تعدٍ, وتخفي أجندات الأنانية والكراهية الخاصة.
وفي مقابل ذلك أجزم أن التدافع من غالبية المواطنين لدعم الوطن لم يأت من حث غير ذاتي, أو إغراء مقابل مادي.
شخصيًا, لا أجد صعوبة في تفهم اعتراض المملكة على تصريح الخارجية الكندية من منطلق أن صيغته الإملائية التي تضمنت عبارة «إطلاق سراح من أوقف من الناشطات الحقوقيات فورًا». لا استغرب فورية رفضه. فتقبله يعني التهاون في سيادية الدولة, والخنوع لتدخل الآخرين في سياساتها.
لم تنكر المملكة أن إجراءات التوقيف والتحقيق قائمة, وتشمل نساء ورجالاً مواطنين وغيرهم لأسباب أمنية. ولكن وزير خارجية كندا وجد في الحدث ليس فقط مادة إعلامية بل مشجبًا يعلق عليه أجندة خاصة ويضيف من البهار والفلفل ما يشاء.
حقوق الإنسان المتفق عليها معروفة ومنشورة بكل اللغات. وهي غالبًا ترتبط بحق الحياة الكريمة وحق التمتع بالحرية وحق المساواة في الحقوق والمسؤوليات بالآخرين. وكلّها منصوص ومتفق عليها في الأنظمة الرسمية في جميع دول العالم.
ولكن البشر معروفون أيضًا بتجاوز الأنظمة وخرق حقوق الآخرين. وبأنانية الرغبة في التركيز على رغباتهم الفردية قبل الاهتمام بالصالح العام. ومن هنا تأتي القضايا الحقوقية؛ بعضها تسجيل صادق للأحداث السلبية, وبعضها مسخّر إعلاميًا كوسيلة توصل لأغراض أخرى, غالبًا سياسية. ولذلك فقضايا حقوق الإنسان في العالم كله لا تغيب عن الاهتمام الإعلامي.. ولكل بلد ومجتمع قضاياه الخاصة بالإضافة للقضايا العامة التي يشترك فيها الجميع من حيث طلب المساواة في الحقوق الإنسانية وحقوق المواطنة.
الواضح الآن أن أول منجز حققه تنفيذ رؤية التحول حقق حمايتنا من خطر ملثم.. وسحب البساط من الصاخبين الراغبين في ألق وميزات المنابر, سواء في ذلك الصحويين والدعاة والنسويات. ثم ظل البعض متشبثًا بالطبع القديم المتعود على صخب الانتقاد والاتهام والإملاء.
دعك من صخب الرافعين يافطات الحقوق, والمتمرسين بالانتقاد الحاقد لا النقد البناء, والمنادين بفورية التعديلات كما يرونها سطحيًا ويتركون العمق, مركزين على توجيه أصابع الاتهام ومحملين المسؤولية لمن يودون إلغاءهم فقط.