د. محمد عبدالله الخازم
المسؤولية الاجتماعية وفق تعريف (دركر) هي «التزام المؤسسة تجاه المجتمع الذي تعمل فيه». وبرامج المسؤولية الاجتماعية ليست مجرد صدقات أو عمل خيري تقوم به المؤسسة، بل عمل مؤسسي يهدف إلى النهوض ببيئة ومجتمع المؤسسة، وتحقيق عوامل الرفاهية الإضافية لهم. وأتجاوز تفاصيل التعريفات العلمية، وبعضها ملتبس في ذهن المتلقي، بالقول إن المسؤولية الاجتماعية - كما أراها - هي كل ما تقدمه المؤسسة بشكل مؤسسي منظَّم خارج إطار مسؤوليتها التعاقدية تجاه منسوبيها ومجتمعها. على سبيل المثال: الإطار التعاقدي مع عضو هيئة التدريس هو العمل وفق راتب ومكافآت أو منافع محددة وفق النظام، لكننا حينما نوجد نظام ادخار ميسر للموظفين أو مساكن فنحن نقدم لهم عملاً إضافيًّا، يتجاوز الالتزام التعاقدي معهم؛ وبالتالي نصنفه ضمن إطار المسؤولية الاجتماعية التي تقدمها الجامعة لمنسوبيها.
المسؤولية المجتمعية للجامعات متنوعة تجاه طلابها وأعضاء هيئتها التدريسية ومجتمعها الأكاديمي ومجتمعها بمنطقتها أو مدينتها، ومسؤوليتها تجاه البيئة وتجاه الفئات الخاصة كأصحاب الإعاقات أو ذوي الدخل المحدود أو غيرهم. أركز اليوم على الكليات والجامعات الأهلية، هل لديها برامج مسؤولية مجتمعية تقدمها؟ أم أنها مجرد كليات تدريس؟
* انقضى موسم الصيف، فكم هي البرامج التي قدمتها الكليات والجامعات الأهلية للطلاب والمجتمع؟
* هذا موسم الحج، هل هناك أي مبادرة تطوعية تشارك بها الجامعات والكليات الأهلية في هذا الموسم الكريم، سواء داخل المشاعر أو في منافذ الحدود والمناطق التي تقع بها تلك الكليات؟ إن لم يكن لخدمة الحجيج فليكن جزء منها لتدريب طلابها.
* هؤلاء أبناؤنا المبتعثون في كندا سيعود كثير منهم، فكم منحة دراسية مجانية عرضتها الكليات الأهلية لهم أم أنها تنتظر استغلال الموقف لتحصل على منح حكومية لهم؟ أليست الكليات الأهلية تحاول استقطاب الطلاب الأجانب وإحدى الحجج الإسهام في التنوع ورفع المنافسة؟ هؤلاء طلاب سعوديون تعلموا في الخارج، ووجودهم سيمنح الكليات الأهلية تنوعًا وتنافسًا أكاديميًّا.
* هذا موسم القبول، فكم سكنًا طلابيًّا مجانيًّا أو منحة دراسية أعلنتها كل كلية وتم التحقق من صدقيتها؟ أليست المنح جزءًا من الترويج؟
* أعضاء الهيئة التدريسية كم دعمتهم تلك الكليات في المجال البحثي أو حضور برامج تطويرية أو بناء مساكن لهم، أو غير ذلك؟
* كم بحثًا يخدم البيئة أو يحل قضايا المجتمع تبنته الجامعة والكلية؟
المسؤولية الاجتماعية يجب أن تكون شعارًا مهمًّا لكل مؤسسة وشركة، وبعض المؤسسات مسؤوليتها أكبر؛ لأن ما تقدمه جزء من منتجها ومن رسالتها ووظائفها. أليست وظائف الجامعة التعليم والبحث وخدمة المجتمع؟ وما يقدم وإن كان يصنف كبرامج مسؤولية مجتمعية فإن جُله يخدم رسالة الجامعة التعليمية والتدريبية والبحثية والمجتمعية..؟
طبعًا وزارة التعليم تحث الكليات الحكومية والأهلية على السواء في هذا المضمار، وتترك الأمر معتمدًا على مبادراتهم، لكنهم لا يبادرون بالشكل المطلوب. مع الأخذ في الاعتبار أننا حينما نعمم فالقصد هو الأغلبية. نسأل: هل هناك وسائل تحفيزية أو رقابية أو تنظيمية تتجاوز مجرد الأماني إلى الدفع بقوة، حد الإجبار، للكليات والجامعات الأهلية؛ لتكون على قدر المسؤولية بتقديم مبادرات إيجابية وملموسة في مجال المسؤولية الاجتماعية؟!