د. خيرية السقاف
في موسم الحج تمتزج المشاعر لدى المنخرطين في خدمة ضيوف الرحمن إحساسا بقيم البذل في سبيل الله, فالتفاني بالواجب الوطني, فالإخلاص للأداء الوظيفي, فالتطوع, هذا تحديدا فيمن هم مسؤولون, وموظفون في المؤسسات ذات العلاقة بدءًا بالأمنية بفروعها وأدوارها, وشؤون الحج والعمرة, والطوافة والضيافة, وشؤون الحرمين, والبلدية, والفندقة, والإسكان, ونحوها, إضافة إلى المؤسسات المساندة كالحرس الوطني, والجمعيات الخيرية, والتطوعية, والإعلامية..
هذا الامتزاج يشكِّل صفات المواطن السعودي المسؤول الذي يكون في موقف الأداء نحو ضيوف الرحمن الفرد الخادم, الباذل, المثابر, المجد, المجتهد, المعطاء, المتفاني الذي يسخر ليله ونهاره, وقوَّته الجسدية والنفسية, وإمكاناته المختلفة ما استطاع وأكثر, وبصيرته, وصبره لمن يفد في ضيافة الرب, من رأس الأمة لأصغر جندي يقف في المسارات يساعد من يحتاج, ويمهد لمن يتعثر, وينتشل من يسقط, ويهدي من يضل, ويسقي من يعطش, ويظلل من يحترَّ, فما الذي يمكن لمؤمن مستقر آمن في أرض الرسالة, وجوار بيته العتيق, ومسجد رسوله المصطفى الأحمد عليه الصلاة والسلام أن يقدم للوافد ليستزيد, والقادم لينهل, والراغب في الرضا غير هذا؟!..
وقد حباهم الله ساكني هذه الأرض المقدسة شرف التكليف, وخصهم بالتشريف سوى فهم القلب الواحد في أجساد تتحرك لا تنام ليلا ولا تغفو نهارًا, تعطي لا تحجم, تحب لا تكره, تتفانى لا تتوانى!..
موسم الحج ينطق بخصائص أهل هذا الوطن بسماتهم, وصفاتهم, المعطاءة بلا منة, بمسلك قلوب إيمانها صادق, وخلق فاضل, ويقينها كامل, وأثرته متناهية..
لا نحسب أن أمة بين الأمم قادرة على إدارة وفود بحجم الحجيج كما هي إدارة الحجيج النظامية الأمنية في هذه البلاد, ومعها المؤسسات الأخرى الفرعية, والأخرى المساندة, و كل مواطن ينخرط في المثول بين يدي واجب المشاركة, برغبة النوال من رضا الرحمن, وعفوه..
فليعن الله هذه الجهود, وليكللها بعنايته, ويكنفها في حفظه, فهو تعالى الشاهد على هذا النسيج الممتزج إيمانا, وصدقا, وحبا في موكب الرحمن, لضيوف الرحمن, في أرض الضيافة موئل الرسالة.