كوثر الأربش
قبل 39 عامًا تجرعت إيران مرارة الحظر الاقتصادي المفروض عليها، في عهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، إثر احتجاز الرهائن الأمريكيين. جمدت الأصول الإيرانية في الخارج، وحظر التعامل التجاري والاقتصادي معها. هذا ما يعرفه الجميع، أتباع إيران وخصومها، جميعنا نعرف ذلك. لكن السؤال الحقيقي، كيف احتمل الشعب الإيراني كل هذا الحرمان والعزل والفقر ونقص العلاج والعيش في العشوائيات ونسبة التلوث الكارثية وغيرها؟
إنه الإيمان بما تحب. في 79، إبان انتصار الثورة الإسلامية كان أغلبة الإيرانيين، ممسوسين بحب الخميني. الإيمان الأعمى به، جعلهم لا يشعرون بالجوع، المرض، الحاجة، والشتات. كان جهادًا، وكان الإيرانيون ينذرون أموالهم وأعمارهم وكل شيء من أجل الخميني. هذا ما كان يحدث بالداخل. أما لعشاق إيران في الخارج، باكستان، الخليج، إفريقيا، وغيرهم. تم خداعهم بأهم خدعة في القرن العشرين من وجهة نظري. تقول الخدعة: «إن أعداء إيران أرادوا اخضاعها بالحظر الاقتصادي، لكنها انتصرت» فلنتأمل هذا الانتصار المزعوم، يقولون إن إيران أصبحت دولة تعتمد على نفسها اقتصاديا وصناعيا وتجاريا. هذا ما يزعمونه، وهذا ما يكرره السذج من أتباع إيران. لكن الحقيقة، أن إيران صنعت طائرات وسيارات، لكنها في الحقيقة قمامة من حديد متحرك. فحوادث سقوط الطائرات الإيرانية الداخلية ما زالت حتى اليوم. إحدى هذه الحوادث سجلت كواحدة من أسوأ عشر حوادث طيران في العالم، راح ضحيتها 275 راكبًا. أما السيارات الإيرانية فقد خلفت عوادمها تلوثًا، جعل من طهران فقط، تسجل نسبة تركيز جزيئات دقيقة تصل إلى 185 ميكروغراما بالمتر المكعب، من 25 ميكرو غراما مسموح بها من منظمة الصحة العالمية. إذا المسألة ليست ماذا تصنع؟ لكن، ما هي جودة ما تصنع. بالمناسبة، أحيانًا، عندما يتفاخر بعض عشاق إيران بصناعاتها وتطورها، أقول: «أرجوك، اجلب لي معك من إيران حفارة كوسة». لأن البعض يذهب لشراء تلك القمامة الصناعية دعما لاقتصاد إيران وليس لجودة صناعاتها. المهم.. ما أردت قوله، وما يعنينا اليوم، هو الحظر الاقتصادي الجديد الذي فرضته واشنطن. قلت كثيرًا من قبل، إن مشكلة سياسة إيران أنها مترهلة ولا تتجدد، وأنها تعول على أساليبها القديمة دون أن تضع في اعتبارها، متطلبات الشباب وعصرهم.
السؤال الواقعي الآن: هل سيجاهد شعب إيران؟ هل سيحتمل الحظر الجديد؟
بالطبع لا. لقد زال عشق الثوره وسيدها من قلوب الإيرانيين. انقشعت غمامة الجهاد المزيف. الإيرانيون اليوم، يدركون حقوقهم، احتياجاتهم، يؤمنون بالحياة وليس بالعمائم، وأنه ليس من حق تلك العمائم أن تستغل لقمة الفقراء من أجل حروبها التوسعية. لذا، على النظام الإيراني ألا يعول على الشعب الآن.
لن يحتمل الشعب كل هذا الجوع والمرض والفقر والتشرد والتلوث والبطالة من أجل عيون خامنئي «وارث الخميني» وهذا من سوء حظ الأخير. أنه في زمن الوعي الحقوقي، زمن الإفاقة الشعبية في إيران. باختصار: النظام الإيراني النائم، لا يشعر بالزمن، وبأن قوانين اللعبة اليوم تغيرت، وليست في صالحه مطلقًا.