د. خيرية السقاف
موسم الحج ليس رسالة السعودية وحدها للعالم بحقيقة قدراتها القيادية، والتنظيمية، والأمنية، والخدمية، وإمكاناتها الاستيعابية لاستضافة مئات الملايين من البشر يقصدون أراضيها المقدسة، وينزلون بين ظهرانيها فيجدون الرحابة، والوفادة، والمسكن يسير الإيجار، مريحا يستوعب حاجاتهم، وممارساتهم، وراحتهم، والمشرب بأنواعه من ماء زمزم البارد، المتوفر بآليات سهلة، ويسيرة، لقطرة الماء، ومختلف العصائر، والفواكه، وأنواع الوجبات، وتنوع المعروضات توافق حاجاتهم، وتقربهم منها، وتوفرها لهم، حيث يتحركون، يتمنون فيجدون، ويجدون ما لا يتمنون، بإمكانات عالية الجودة من وسائل الانتقال من المركبة الصغيرة، للقطار، والحافلات، المجانية وذات المقابل لإمكاناتهم..
موسم الحج ليس رسالة السعودية وحدها للعالم بتمكينها كلَّ المسلمين الذين يفدون من أقطار الدنيا لا يتعثرون، ولا يُمنعون، يأتون فرادى، وبعثاتٍ رسمية لدولهم، وأفواجا تختلف هوياتهم، وضيوفا تتولى هذه البلاد استضافتهم لعجزهم فيؤدون فريضتهم دون عناء، أو لمساعدة دولهم وهي تعاني من نكبات الفاقة، أو الحرب، أو الحصار..
ليس موسم الحج رسالة السعودية وحدها ليرى العالم إنسانها المتفاني من رب بيت يهب مسكنه لضيوف الرحمن بلا مقابل، إلى مؤسسات نظامية تضطلع بمهام الوفادة، والسقاية، والضيافة، إلى جهات رسمية تقوم بحمايتهم، وإرشادهم، وإيوائهم، إلى مختصين يقدمون لهم المعلومة الدينية، والتوجيه الصادق، والاحتواء بلغاتهم، يتفهمون معارفهم، ويزيدون في العناية بهم، والتكافل معهم دون منَّة، ولا تقاعس، من المسؤول، للمكلَّف بدور، للمتطوع برحابة من المطار للمطار، ومن المرسى للمرسى، ومن المنفذ البري للمنفذ من حيث يأتون، إلى حيث يغادرون عودة إلى مصدرهم..
بلى إن موسم الحج ليس رسالة السعودية وحدها لتضع هذه الحقيقة في الأفواه، وتغمر العيون بها، وتملأ الآذان بنصاعتها، وصدقها، وجلائها..
بل هي مسؤولية كل الذين يأتون للحج، يمارسون هذه الحقيقة على أرض الواقع، ويعيشونها فعلا لا قولا، يوما بيوم في موسم الحج، وساعة فيه بثانية تمرق من دقائقه، من أول تصريح بلغهم بالترحيب، لآخر كف يلوح لهم بالسلام وهم يغادرون..
وهي مسؤولية أخرى يبوء بالاعتراف بها رؤساء الوفود، ودولهم المستضاف مواطنوها في الأرض المقدسة ممن تتولى هذه البلاد فيها تيسير الحج لمن استطاع، ومن لم يستطع إليه سبيل السعي فأدائه.
وإنها مسؤولية جميع وسائل الإعلام، ومنصات التواصل في جميع الدول التي أدى مواطنوها فريضتهم لمرة، أو أعادوا..
إنها رسالة الصادقين المنصفين في الواقع للحقيقة التي لا ما يطمس شعاعها، أو ينكر واقعها.