يوسف المحيميد
رحل البريطاني من أصل هندي الروائي نيبول، ذلك القادم من ترينيداد وهو في الثامنة عشرة، ملتحقاً بجامعة أكسفورد، وقد عانى كغيره من المبدعين في البدايات، حتى فاز بجائزة بوكر البريطانية عام 1971، ونال المجد بلقب فارس من الملكة إليزابيث عام 1989، ثم نوبل للآداب عام 2001، ومنذ روايته الأولى (عامل التدليك المتصوّف) عام 1955 التي لم تحظ بنجاح لافت رغم حصولها على جائزة أدبية تمنح للأدباء الشبان، وحتى أعماله اللاحقة التي تدور حول الاستعمار والنفي، وآراؤه خارج المجال الأدبي تثير ردود أعمال عكسية تجاهه، خاصة في الدول العربية والإسلامية.
هذا الروائي الذي عمل مفهرساً في المعرض الوطني للرسوم بلندن، بعدما ترك الجامعة، يشعر بالقلق كما هو شأن المبدعين عموماً، تجاه ما يسميه انعدام الجذور، أو قلقه من الآثار المدمرة للاستعمار، وشعوره بالفقر الثقافي والروحي لترينيداد، واغترابه عن نيودلهي، وعدم قدرته على التأقلم مع الحياة في إنجلترا، وهو هنا يمارس سخط المبدع وشعوره بالاغتراب والوحدة.
لكنه، ورغم أهميته على مستوى حقل الرواية والأدب، فإنه حين يتحدث في الشأن السياسي أو الديني، تظهر في ثنايا حديثه اجتهادات خاطئة، وربما غضب وحقد أعمى، ويتورّط بما تبثه آلة الإعلام الغربي، فلا يبدي تسامحاً وتفهماً مع الآخر، وينساق بسهولة خلف اتهامات جاهزة تُلصق عادة بالعرب والمسلمين، سواء ما يخص أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أو آراءه السلبية ضد العرب والمسلمين بشكل عام، وبطريقة غير موضوعية، إلى درجة حيرتنا ووضعتنا في موقفين متناقضين تجاهه، ففي جانب نحب رواياته وآثاره الأدبية، وفي جانب آخر ننفر من آرائه وتصريحاته إلى حد أن نردد في دواخلنا: يا ليته سكت!