د. محمد عبدالله الخازم
في ظل رؤية المملكة بدعم الشباب والشابات عقد هاكاثون الحج، وزعت فيه الجوائز وكانت هناك أفكار ومشاريع لها علاقة بالحج أو هذا هو المفترض باعتبار أن المسابقة ربطت بالحج مسمىً وموعداً. الأفكار التي قدمت تبدو جميلة، وفق تصريحات أهل الاختصاص، لكن يخطر ببالي التصور لو عاش أولئك المبدعين تجربة الحج لربما أبدعوا لنا أفكاراً أكثر واقعية أو قابلة للتطبيق. كنت أتمنى أن يكن جزءاً من الجوائز هو منحهم تجربة الحج علهم يختبرون أفكارهم ويأتون بمبادرات تطبيقية أكثر..
تلك مجرد مقدمة قادتني للتساؤلات حول المساهمات التطوعية للشباب والشابات في مواسم الحج وبالذات طلاب الجامعات. أعلم بأن الجهة الشبابية الأبرز هي الكشافة ولهم جهود كبيرة في هذا الشأن، لكن ماذا عن مساهمات الجامعات المباشرة الأخرى؟
البعض قد يتصور بأن الأمر لا يحتاج أن نكتب عنه مقالاً فهو متاحاً. هذا الأمر ليس دقيقاً واستشهد هنا - من البيت الداخلي- بتجربة كلية العلوم الطبية بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية ممثلة في قسم الإسعاف والطوارئ، فمنذ بداية البرنامج والحرص سنوياً على مشاركة الطلاب باعتبار التجربة مفيدة جداً في صقل مهاراتهم التخصصية كمسعفين. المعاناة المتكرّرة تكمن في عدم وجود معسكر للجامعة وعدم توفر دعم كاف للتجربة، بدليل أن معسكر وزارة الحرس الوطني المشارك بالحج، والجامعة يفترض أنها جزءاً من الحرس، لم يستطع استيعابهم بشكل سنوي، إما لعدم القناعة بوجودهم أو لنقص في الإمكانات والآليات الإدارية، وكان الإنقاذ عن طريق الاتفاق مع وزارة الصحة لتوفر لهم السكن والتشغيل على أن يتولى الطلاب أمور النقل والإعاشة. شكراً وزارة الصحة على استضافة الطلاب ودعمهم، وشكراً للجامعة على عدم معارضة الفكرة، والطلاب هنا يقومون بتجربة تطوع مقدرة، حيث إن مكافأة الألف ريال من الجامعة لا تكفي للتنقّل والإعاشة.
ما هي الفكرة البديلة هنا؟
أقترح أن يصبح للجامعات السعودية بدعم وزارة التعليم معسكر موحّد دائماً في الحج يساهم في تنظيم برامج التطوع في الحج ويستضيف طلاب الجامعات المتطوّعين في الحج ويكون التمثيل شاملاً للجامعات، لأنه قد لا يُتاح لكل جامعة المشاركة بمفردها. ونظراً لكثرة عدد الجامعات قد يكون هناك آلية تنسق وتتيح مشاركة مختلف الجامعات، وفق ترتيب عادل، كأن تشارك كل عام مجموعة منها. وقد يكون الخيار الآخر بإشراف جامعة أم القرى وجامعة طيبة على المعسكر تجهيزاً وترتيباً في المشاعر المقدسة ويستضاف إليه كل عام طلاب عدد من الجامعات الأخرى. أتحدث عن معسكر يتمكن من استضافة ألفين أو ثلاثة آلاف طالب مثلاً من الجامعات السعودية ومن ضمنهم طلاب تخصص الطوارئ باعتباره تطبيقاً ميدانياً حيوياً في تخصصهم. طبعاً جامعة أم القرى لديها مساهماتها في خدمة الحجيج، لكن قد تمتد خدماتها لتأسيس معسكر شامل للجامعات. وأضيف التطوع في الحج ليس محصوراً في المشاعر المقدسة فقد يكون في المنافذ الحدودية، مثلاً. الحج من أفضل الفرص التي يجب إبراز تطوع الشباب السعودي فيها وطلاب الجامعات هم نخبة الشباب الذين يجب أن تساعدهم جامعاتهم في هذه المهمة...