فهد بن جليد
لن تجد إجابة شافية على هذا السؤال، أو رقماً مُعلناً، لا دراسة علمية واحدة بالمُطلق تكشف حجم هذا السوق، المُؤكد والمُرجَّح فقط أنَّ الإعلان عبر حسابات نجوم «السناب شات» في السعودية، أثر بشكل سريع وواضح على سوق الإعلانات الرئيس ومدخول الفضائيات ووسائل الإعلان التقليدية الأخرى، خصوصاً لدى شريحة الشركات والأعمال الصغيرة التي لا تستطيع تحمُّل كُلفة وقيمة الإعلان بمفهومه العلمي والفني عبر هذه القنوات, لا أرقام واضحة أو مُعلنة, ممَّا يبقى هذا السوق غامضاً وخفياً, يعتمد فيه المشاهير على إخفاء مدخولهم الذي يسترزقون منه, بإرضاء أصحاب تلك الأعمال، عطفاً على الأثر السريع والفوري الذي يُحدِّثونَّه لدى شريحة الشباب وصغار السن الذين يُتابعونهم، الأسعار المُتداولة تُرشح أنَّه رغم ذلك بدأت هذه المُمَّارسات بالفعل بسحب البساط تدريجياً, خصوصاً ونحن نعتلي المرتبة الأولى عربياً نسبة لعدد المُستخدمين والمشاهير, التقديرات غير الرسمية من مُراقبين يُصنِّفون أنفسهم خبراء في هذا المجال تتحدث عن الـ 50 مليون ريال، كرقم شهري متوسط وتقريبي لهذه السوق الناشئة, عطفاً على أسعار إعلانات المشاهير التي لا تخضع لأي ضوابط تنظيمية, والخالية أصلاً من الرسوم والضرائب, فمُجرَّد «سنابة طائشة» تشفي نَهمَّ المُعلن الذي يطير فرحاً بردود الفعل المُباشرة والفورية.
هل يمكن الحديث عن هذا المشهد، وهذه الحالة كسوق إعلانية ناضجة ؟ شخصياً لا أعتقد ذلك, فهؤلاء لا يُشكِّلون تأثيراً فعلياً يُعتدُّ به على المدى البعيد, العدد التقريبي لمُستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مُجتمِّعة في العالم يُلامس اليوم الـ 3 مليارات حساب - إن لم يتجاوز هذا الرقم - عدد الحسابات التي تُقدَّر في العالم العربي هي 156 مليون حساب فقط، نهاية عام 2017 أُعلن رسمياً أنَّ عدد مُستخدمي الفيس بوك لوحده تجاوز الـ 2 مليار، دخول أسواق جديدة فيها كثافة بشرية كالهند وغيرها من الدول النامية التي تُقدم لها المساعدات، وخدمة الإنترنت المجانية تُساهم في رفع أعداد المُستخدمين لنواحي تجارية بحتة لا علاقة لتنمية الشعوب بها، لا أعرف هل النسبة السابقة عادلة لحجم تفاعل العرب مع وسائل التواصل الاجتماعي والتقنية أم لا ؟ فضول المٌستخدمين العرب، وركضهم الحثيث بلهفة خلف يوميات مشاهيرنا يُشعل هذه الشرارة والحماس, فقط لأنَّنا نُراقب حياة بعضنا البعض عبر هذه الوسائل, لإشباع فضولنا في اكتشاف حياة الآخرين, وكأنَّنا في حالة ترَّقُب ليس للمُتابعة والاستفادة بالضرورة من ثقافات وحياة هؤلاء ومعلوماتهم، بل لانتظار أي فضيحة أو خطأ أو زلَّل أو تصرف خاطئ يقوم به الشخص الآخر، على طريقة القاعدة الإعلامية القديمة Bad News is Good News - الأخبار السيئة هي الأخبار الجيدة - التي تجذب المُشاهدين والُمتابعين عند نشرها حتى عبر وسائل الإعلام التقليدية, وهذا كفيل بإبقاء هذه السوق والأرقام مشوَّهة بالفعل على الهامش.
خصوصاً مع الهجرة التي تتحدث عنها وسائل الإعلام اليوم, لهجرِّ الشباب واليافعين العرب لحساباتهم، نتيجة دخول أسرهم وأولياء أمورهم على خط المُتابعة, هذا كفيل بإعادتنا حتماً للمُربع الأول لسوق الإعلان التقليدي، حتى لو تقاضى هؤلاء أجراً أقل.
وعلى دروب الخير نلتقي.