خالد بن حمد المالك
تناوب رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزير دفاع العدو في كيل الثناء على نظام بشار الأسد، والتأكيد على أنه منذ أربعين عاماً لم تطلق رصاصة واحدة على الأراضي السورية المحتلة، وأن مرتفعات الجولان كانت تشهد هدوءاً اعتادت عليه منذ احتلالها بخلاف ما يحدث الآن مع ثورة الشعب السوري على نظامه، والمقصود بالأربعين عاماً من الهدوء هي تلك الفترة من حكم الأب وابنه، حافظ الأسد وبشار الأسد.
* *
أكثر من ذلك، فقد تمنيا أن يظل الحكم بيد بشار؛ ليعود الهدوء إلى جبهة الجولان بحماية من نظام بشار الأسد الذي فرط والده حافظ الأسد حين كان وزيراً للدفاع بهذه المرتفعات لتحتلها إسرائيل، وتصبح دمشق تحت نيران العدو الإسرائيلي، ما جعل بشار الأسد يواصل حمايتها من أي مواطن أو مجموعة مواطنين يرفضون الاحتلال، ويصرون على تحريرها، مثلما كان يفعل والده حين استولى على السلطة بانقلاب عسكري ففضل بقاءها تحت الاحتلال على أن لا تزول سلطته كرئيس لسوريا.
* *
يقول وزير الدفاع الإسرائيلي بأن حدود جبهة الجولان ستصبح أهدأ مع عودة سوريا للوضع الذي كانت عليه ما قبل الحرب، حيث الحكم المركزي للأسد، ويضيف ليبريان بأن عودة سوريا إلى حكم الأسد أمر مؤكد، أي أن إسرائيل لا ترى بديلاً لزعيم يقود سوريا كما هو بشار الأسد الذي فرط والده بمرتفعات الجولان حين كان وزيراً للدفاع في سوريا، ثم حافظ على بقائها بأيدي الإسرائيليين وهو رئيس سوريا، ليسير خليفته ابنه بشار على خطاه في الخيانة والعمالة والتفريط بالأراضي السورية.
* *
وكما كان هكذا موقف حافظ وبشار الأسد، فإن إيران التي تكتفي بالكلام لتحرير القدس ليس لها أي موقف يظهر أن لديها الرغبة في تغيير الوضع في فلسطين، بل حتى وقواتها توجد في سوريا الآن للإبقاء على نظام بشار، فقد تلقت القوات الإيرانية ضربات إسرائيلية موجعة ولم تتدخل للتصدي للقوة الإسرائيلية، وزادت على ذلك بدعوة روسيا للتوسط لدى إسرائيل بأن يتم ابتعاد القوات الإيرانية في سوريا مائة كيلو عن الحدود السورية مع إسرائيل لضمان أمن القوات الإيرانية وعدم تعرضها لمزيد من الضربات الإسرائيلية، وهو ما يتماشى مع السياسة الإيرانية التي اعتادت أن تتجنب المواجهات العسكرية.
* *
أمام هذا الغزل الإسرائيلي القذر مع بشار ونظامه، يتأكد لنا من جديد أن بقاء بشار الأسد خيار إسرائيلي مدعومٌ روسياً وإيرانياً، وأنه ليس من مصلحة تل أبيب أن يتولى سدة الحكم مواطن يرفض التعاون مع العدو، ويصر على حق سوريا في استعادة أراضيها المحتلة مهما كانت موازين القوى العسكرية والسياسية تسير لصالح الجانب الإسرائيلي.
* *
المهم أن بعض المغفلين الذين يساندون نظام بشار سواء من السوريين أو من العرب، ها هم الآن أمام حقائق تكشف لهم حجم العمالة التي كان عليها ومازال نظام بشار المتآمر، إذ لا يكفيه أن يفرط هو ووالده بمرتفعات الجولان، ويحميها كما حماها والده من قبل من أي تأثير على الأمن الإسرائيلي فيها، وإنما ضحى بسوريا وشعب سوريا في سبيل استمراره حاكماً، حتى ولو تحولت كل مدنها ومحافظاتها إلى أراض محروقة.
* *
لم يبق إذاً أمام بشار من فرصة لتغطية انسياقه مع مصالح العدو الإسرائيلي، ومن استمراء هذه السياسة التي تبقيه حارساً أميناً لحدود إسرائيل مع سوريا ومستعمرتها لمرتفعات الجولان المحتلة، في مقابل الضمانات ليبقى بشار رئيساً لسوريا، ودون النظر لمصالح سوريا وشعبها العظيم، إلا أن يواجه هذه الحقائق ليكتب اسمه في قائمة عملاء إسرائيل.