د. محمد بن إبراهيم الملحم
عندما أقول غير الرسمي فلا أدعي أنه غير رسمي تمامًا ولكن لأشير فقط إلى أن ما أتحدث عنه اليوم أقل التصاقًا بالشأن الرسمي مما تحدثت عنه في المقالة السابقة كالسجلات والشهادات والمعلومات الرسمية للأشخاص (طلاب ومعلمين)، فهنا أتحدث عن المنتجات المدرسية التي أنتجها الطلاب والمعلمون من مساهماتهم للنشاط الطلابي، خاصة تلك التي تفوقت وكانت مراكز أولى في المسابقات، سواء منتجات فنية أو تحريرية أو أدائية (كالمسرحيات) أو رياضية أو علمية وابتكارات، فإنه من المشهور والمعروف بل هو أحاديث المجالس أن ذلك كله يرمى ويكاد كل أحد تقريبًا مر بمواقف يشاهد فيها هذا النوع من الإتلاف والإهمال، وكم نسمع بعض الناس اليوم يتحدث عن إنجازاته عندما كان طالبا وكيف أنه عمل بيديه منتجًا متميزًا ولكن المدرسة أو المؤسسة التعليمية الأكبر (إدارة أو وزارة) تحتفظ به لديها ولا تعيده إليه (هذا ما جرت به العادة!) ثم يفاجئ أنه رمي في مستودعات المدرسة أو ربما في أقرب نفايات بعد سنة أو أكثر، سواء شاهد هذا الأمر بنفسه أو أخبره أحد به، وسواء علم عن ذلك وهو على مقاعد الدراسة أو بعد أن تقدم به العمر، قصص متنوعة وشاملة لكل أنواع التدمير لنتاج المبدعين من الطلاب دون أي وعي أو اهتمام، وبالمناسبة فإن الطلاب المشاركين في النشاط هم الأسوء حظا في التعليم العام ذلك أن الميزانيات المخصصة للنشاط لا تعمل بدون مشاركاتهم ولا تكون «الفعاليات» و»المناسبات» بدونهم لا سيما وأن النشاط شأن اختياري في النظام التعليمي ولذلك يستميت العاملون في النشاط الطلابي لإقناع هؤلاء المبدعين وأولياء أمورهم للمشاركة ومع ذلك يؤول حظ نتاجاتهم وإبداعاتهم في نهاية الأمر (وبعد أن تحقق هدف الاحتفالية والأضواء) إلى التخزين غير المنطقي ثم الإتلاف لاحقا أو ربما عاجلا! كما إن مشاركات الطلاب الأدائية المصورة (كالمسرح والمباريات) قد لا يحصلون بالضرورة على نسخة منها إلا لمن كانت له واسطة أو معرفة بالمصور! فليس تسليم المشارك نسخة من أدائه (إن تم تصويره) تنظيمًا ثابتًا فيكون حقا مقررًا له... هذا عدا مسألة أن هذه المشاركات الأدائية أصلا تكون غالبًا على حساب التحصيل الدراسي حيث يتم سحب الطلاب من حصصهم الدراسية لحضور «التدريبات» و»البروفات» وما إلى ذلك من مجالات النشاط، ثم: أين ذهبت تضحياتهم؟ وأين ذهب جهدهم كله؟ عندما يلتفت أحدهم اليوم وهو ابن الثلاثين أو الأربعين ليتساءلين يا ترى نتاجاتي عندما كنت طالبًا؟ فلن يجدها أبدا، لقد أدت دورها ذلك الحين وخدمت من خدمت، واحتفل الجميع، ثم رميت في مكان ما.
لنطوي صفحة الماضي ولنتحدث عن مستقبل الغد، فبماذا يمكن أن تعدنا المؤسسة التعليمية اليوم وقد امتلكت ناصية التقدم التقني بيدها عبر شركات متخصصة تعمل ليل نهار في بناء وتطوير وتحديث أنظمتها الإلكترونية العملاقة سواء الإدارية أو التعليمية وقد توفرت لديها منصة إلكترونية عظيمة ليس أولها بوابتها الإلكترونية المتطورة، فهل نطمح أن نراها تخصص جزء من هذه البوابة لنرى فيه مستودعًا معلوماتيًّا ضخمًا يعرض المحتوى الإلكتروني لكل ما قدم في النشاط الطلابي من إبداعات نالت التفوق؟ وهل نتوقع أيضا أن تبدأ في جمع ما يمكن جمعه من المواد التاريخية المحفوظة لديها هنا وهناك وتحويلها إلى صيغ إلكترونية قابلة للعرض توضع في هذه البوابة؟ هذه أمنيات وهناك أمثالها أمنيات كثيرة لا تكلف المؤسسة التعليمية الكثير، وإنما بذل شيء من التنظيم والرعاية لنرى نتاجها حفظا للمحتوى الطلابي واهتماما بالإرث المدرسي يعكس أهميته وقيمته واحتفاء مؤسستنا التعليمية به.