د. محمد عبدالله العوين
من حق أي سعودي أن يفخر ويعتز بوطنه؛ فهو ينتمي إلى وطن متفرد ليس كسائر الأوطان، وينتسب إلى تأريخ معطر مسطر بالمفاخر والأمجاد.
لنا أن نعدد بعض مفاخرنا النفيسة، وأن نذكر شيئًا من مآثرنا الفريدة.
هل توجد في أية بقعة في العالم كعبة يتوجه إليها مليار ونصف مليار مسلم في هذا الكون غير الكعبة المشرفة التي خص الله بها بلادنا؟
وهل نزلت آخر رسالة سماوية للعالمين جميعا على آخر رسول للبشرية نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) في غير بلادنا؟
وهل يملك أحد في هذا الكون تربة وطأت عليها أشرف وأطهر قدم وهي قدما رسول الله غير تربة بلادنا؟
وهل يمكن أن يفاخرنا أحد أو ينافسنا بشر بأعظم وأشرف من قداسة الحرمين الشريفين في مكة والمدينة؟
وهل حظيت بلاد في الدنيا بما حظيت به بلادنا بأن أنجبت الأبرار والأطهار من صحابة رسول الله رضي الله عنهم الذين كانوا مشاعل الهدى وورثة النور الذي جاءت به رسالة الإسلام؟
وهل يملك أحد تأريخا لقادة وفرسان أنجبتهم بلادنا من الصحابة والتابعين وأبناء قبائل الجزيرة العربية الذين حملوا الرسالة ونشروها في آفاق الدنيا وسادوا وقادوا نصف العالم من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب وبنوا حضارة تميزت بالتسامح والعدل خلال ثمانية قرون؟
وهل ينكر جاحد أن بلادنا علمت نصف الكرة الأرضية اللغة العربية ونشرت آدابها من شعر ونثر من خلال هجرة علماء اللغة العربية ورواة الشعر والفصحاء والخطباء من جزيرة العرب إلى دمشق الأمويين وبغداد العباسيين وقرطبة الأندلس؟
إن فخرنا لا ينقضي حين نستعيد أنبل القيم وأرقى الفضائل وأسمى صور الفروسية في قصائد الشنفرى الأزدي وعروة بن الورد وعنترة العبسي وطرفة بن العبد التي تتجلى فيها عزة النفس وتتبختر فيها كبرياء الذات العربية وتتكشف فيها أسمى مظاهر الآداب والرقي في المأكل والمشرب والمنادمة والمجالسة وكتم الأسرار والترفع عن الدنايا وحفظ العورات والدفاع عن الشرف، وفخرنا لا يمكن إلا أن نعلنه بما ملكه أجدادنا العرب الأوائل من عاطفة حب شفيفة راقية نحو المرأة يعجز شعراء العالم أن يصلوا إلى تكوين صورة عاطفية واحدة لوجد أو حنين أو ذوب تذكر بعد رحيل مر أو وقوف بأطلال قصة انقضت ولم يبق منها إلا بقايا أثر تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد أو عذاب لهفة وفراق ممض يتقطر ألما في شطر من بيت أو معنى خفي يتقافز بين حروف القصيدة.
نحن أبناء هذه الجزيرة السخية من علم العالم الحب في شعر مجنون ليلى وكثير عزة وجميل بثينة والشاب الظريف!
نحن من علم الحكمة في شعر زهير بن أبي سلمى!
نحن من علم الفروسية في معانيها القتالية والأخلاقية على يد علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد ومحمد بن القاسم الثقفي!
نحن من علم العدل على يد العمرين؛ عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز!
أولئك آباؤنا الأماجد نحن السعوديين؛ فمن لهم آباء كأولئك؟!