فهد بن جليد
غداً تبدأ أولى مشاهد الحج الفعلية أو «الجماعية» بارتداء مُعظم الحجاج لباس الإحرام، ثم المبيت في مشعر منى، استعداداً للانطلاق صبيحة الاثنين إلى عرفات الله الطاهر والوقوف هناك في يوم الحج، مُنذ قدومنا إلى هنا وجميع المؤشرات والاستعدادت التي نُشهدها ونعيشها تؤكد أنَّنا -بحول الله وتوفيقه- على أعتاب موسم حج ناجح ومثالي، رغم الزيادة المتوقعة في أعداد الحجيج.. فاحتراف الأجهزة الأمنية والطبية والخدمية السعودية في تنظيم الحج وإدارة الحشود المليونية يتزايد ويتضح كل عام، ملامحه بدت ظاهرة أكثر على الخدمات المُتقدمة والمتطوِّرة التي نلمسها هذا الموسم، بفضل الجهود الكبيرة التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- بتوفير أقصى درجات الراحة والطمأنينة لضيوف الرحمن، حتى يؤدوا مناسكهم، ويعودوا إلى ديارهم سالمين غانمين.
تنافس جميع الأجهزة والمؤسسات المعنية بخدمة الحجيج كل عام -للتفوق- بتجوِّيد الخدمات والتسهيلات المُقدمة أكثر وأكثر، يُعد عملاً مُضنياً ومُجهداً ولكنَّه ضرورة للحفاظ على المستوى العالي من الاحترافية، يقف خلفه رجال صادقين ومُخلصين من كافة القطاعات والجهات الحكومية والخاصة، يؤمنون بضرورة عكس الصورة الحقيقية عن السعودية والسعوديين في عيون ضيوف الرحمن، وما يُبذل من أجل هذه البقاع المُقدسة وزوارها.
ما تبذله المملكة للحج والعمرة، لا يمكن حصره فقط في هذه الأيام الخمسة أو الستة التي يتم فيها أداء النُسك في المشاعر المُقدسة، وإن كانت هي الأيام الأهم والأصعب والأكثر تحدياً، فثمَّة جهود إدارية وتنظيمية عظيمة أخرى مُتواصلة تُبذل طوال العام، يختلط صداها مع صوت هدير المُعدات التي لا تهدأ من أجل تطوير الحرمين والمشاعر المُقدسة, يشعر بذلك حتماً «الحاج والمُعتمر» مُنذ اتخاذه القرار بالقدوم إلى المشاعر المُقدسة، لينعم بمواسم ناجحه يتم خلالها إدارة الحشود المليونية بطريقة إنسيابية وفريدة على مستوى العالم، في مُدن خاصة تُنشأ لهذا الغرض بكافة تجهيزاتها العصرية، ليسكنها «ملايين البشر» ساعات أو ليال فقط «عرفات، مُزدلفة، منى» يقومون فيها بأداء عبادات منصوصة، في أوقات مخصوصة، داخل بقاع محصورة، رغم تحدي الوقت والسعة والتشابه تنجح المملكة في هذه المهمة بكل اقتدار وكفاءة، والفضل يعود بعد -الله- للرجال المُخلصين، ثم لتلك المشروعات المليارية العملاقة التي كلَّفت ميزانيات ضخمة, والتي طوِّرت وحسِّنت تجربة الحجيج في العقود الأخيرة، ليتغيَّر معها المشهد تماماً، ممَّا جعل الحج رحلة مُيسَّرة ومُمتعة لكل مُسلم تطأ قدماه بلادنا الطاهرة، بعد أن كان في السابق رحلة مُضنية وشاقة، ومُمِّيتة في بعض الأحيان.
وعلى دروب الخير نلتقي،،،