د. محمد عبدالله الخازم
يمثل الحج الركن الخامس في الإسلام، الذي تهوي إليه أفئدة المسلمين على اختلاف مذاهبهم في شتى بقاع العالم لأدائه مرة واحدةً في العمر على أقل تقدير وفق تعاليم الشريعة الإسلامية. والمملكة تسخر إمكاناتها كافة لإنجاح موسم الحج كل عام، وتعمل أجهزتها المعنية طيلة العام لأجل التحضير لموسم الحج وإنجاحه. ونحن نحتفي بحجاج بيت
الله الحرام لا نتباهى بما نقدمه لهم بقدر ما نشير إليه كتأكيد على اهتمامنا بهم، وبهذه الشعيرة الغالية على أفئدة المسلمين.
شعيرة الحج تختلف عن أي تجمع آخر في جوانب عدة، منها:
* هذه الشعيرة تحدث في مواسم مختلفة من ناحية الطقس، فهذا العام تقام وسط أجواء صيف حار، وفي أعوام سابقة جاءت في فصل بارد وممطر. هذا التنوع يعني أن الاستعدادات لا تكون متشابهة طيلة السنوات، ففي عقد من الزمان تأتي الفريضة في موسم حار وفي عقد آخر تأتي في موسم بارد، وعلينا أن نكيف منشآتنا وخططنا وفق هذه التغيرات.
«شعيرة الحج لا مجال كبيرًا في تغيير مساراتها وإعادة ترتيب الأدوار المكانية والزمانية لها كما نشاء، فهي مرسومة منذ فرضت على المسلمين، ومهمتنا تنفيذها وفق أسسها وأصولها.
«شعيرة الحج يؤديها مختلف البشر، ذكورًا وإناثًا، كبارًا وصغارًا، عربًا وعجمًا، ومن مختلف المذاهب الإسلامية، وبالتالي لا مجال في تقنين بعض أدوارها لتوافق فئة عمرية أو جنسًا أو مذهبًا دون غيره، وعلينا أن نتكيف في تقديم الخدمة للجميع، بما يحملونه من اعتقادات وثقافات وعادات...إلخ.
«اشتراطات الحج تأتي عامة وبعضها يكون على سبيل التوصية والنصح. بمعنى أنه لا يمكن تحديد معايير دقيقة لمن ينطبق عليه الحج أو لا، فيأتي للحج المريض وكبير السن والمحتاج والغني، وكخدام لبيت الله وحجيجه يجب أن نتعامل مع مختلف الفئات وحالاتها...
* حجاج بيت الله يأتون للحج ولهم هدف روحاني يتمثل في طاعة الله وأداء شعائره دون تباهٍ بزي أو لون أو صفة تختلف من حاج إلى آخر. يلبسون لبساً موحداً وليس همهم الحصول على ميدالية دنيوية أو التسابق على خط مرسومة له جوائزه.
«فريضة الحج يحضرها فئات تختلف في الرؤى السياسية واحتمال استغلاله من بعض الفئات بشكل يسيء للسلامة والأمن وارد، لذلك يتطلب الأمر احتياطات وتنظيمات أمنية تختلف عن أي مناسبة أخرى. المطلوب هو التيسير والتسهيل بما لا يخل بأمن الحجاج وسلامتهم!
من هنا أرى أن بعض المقارنات التي نسمعها أو نقرأها من البعض كتلك التي تقارن الحج بالمسابقات الأولمبية أو بالتجمعات الانتخابية أو غيرها من الحشود ليس منطقياً، ويجب أن نحرص في عدم التعميم المطلق دون فهم التفاصيل، فالحج لبيت الله الحرام شعيرة فريدة لا تقارن بغيرها. فريدة بزمانها وبشعائرها وبحجاجها وبأهدافها وبروحانيتها وبتنظيماتها وبأمور عديدة أخرى..
نرحب بحجاج بيت الله وكل عام والجميع بخير