د. أحمد الفراج
نواصل الحديث عن الرئيس المختلف، الذي ينام ملء جفونه عن شواردها، ويترك الناس يسهرون ويختصمون تجاه سلوكياته وقراراته، فلو أن سياسياً واجه معشار ما واجهه هذا الرئيس النرجسي الصارم، لربما كره السياسة واعتزلها، ولكن هذا هو ترمب، الذي ضحك العالم كله عندما ترشَّح للرئاسة، واستخدمه الإعلام الأمريكي حينها كبرنامج ترفيهي، لا حظّ له في الفوز، وإنما رجل أعمال، يستغل السياسة لترويج مشاريعه التجارية، وقد منحه ذلك دعايات ضخمة مجاناً، قبل أن يدرك هذا الإعلام أنه لم يقرأ المشهد الأمريكي جيداً، ولا يعلم ما يدور في أذهان شرائح واسعة من الشعب الأمريكي، كانت قد ضاقت ذرعاً بالساسة التقليديين، الذين كانوا يخدمون لوبيات المصالح ومصالحهم الخاصة على حساب الشعب الأمريكي.
عندما أدرك الإعلام الأمريكي أن ترمب ليس شخصيةً كاريكاتورية، وإنما مرشح حقيقي، استطاع أن يجذب قلوب عشرات الملايين من المسحوقين، الذين لم يعدوا يثقون بالمؤسسة الرسمية، كان الوقت قد فات، وذلك بعد أن جندل ترمب عتاة المرشحين الجمهوريين، بدءاً بالسيناتور تيد كروز، وانتهاءً بسليل أسرة آل بوش، جيب بوش، مروراً بحاكم ولاية أوهايو البارز، جون كيسي، والسيناتور من ولاية فلوريدا، ماركو روبيو، وحينها قرَّر الإعلام - متأخراً - أن يقلب ظهر المجن لترمب، فبدأ بنبش تاريخ معاملاته المالية، في محاولات للطعن في مصداقيته، ولما لم يستطع فعل ذلك، تم الكشف عن شريط مسجل، يحتوي على لغة هابطة، استخدمها ترمب بحق النساء، واعتقد هذا الإعلام أن هذه ستكون الضربة القاضية لترمب!
بعد أن تم الكشف والترويج على نطاق واسع لذلك الفيديو المشين، اعتقد الجميع أن هذه هي نهاية ترمب، إذ احتفلت المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون بالفوز مبكراً، عطفاً على تقارير إعلام اليسار، الذي زفَّها للبيت الأبيض! وحينها فاجأ ترمب الجميع، معلناً التحدي، وأن أنصاره لن يصبحوا ضحايا للإعلام الكاذب، واستغرب المعلِّقون من الثقة الكبيرة، التي يملكها ترمب بأنصاره، الذين كان يتواصل معهم بطرقٍ جديدة، خارج إطار الإعلام الأمريكي التقليدي، وذلك عبر حسابه الشخصي على تويتر، وعبر اللقاءات المباشرة، وهي اللقاءات التي أعادت الروح إلى شعار :»أمريكا أولاً»، الذي تبناه ترمب، وسنواصل الحديث عن وضع ترمب حالياً، قبل استحقاقات الانتخابات النصفية للكونجرس نوفمبر القادم.