مها محمد الشريف
الأعياد في حياة المسلمين مناسبات عظيمة وعبادة، ولا شك أن عيد الأضحى من الليالي العشر التي أقسم الله بها في قوله (وليالٍ عشر)، فقد علمنا القرآن فضل هذه الأيام وقدسيتها في تعزيز القيم الإسلامية الفاضلة والتواصل بين الأسر، وعيد الأضحى في المملكة يختلف عن دول العالم الإسلامي بحكم مظاهر الحج وروحانيته، وبهذا المعنى المتضمن يدل على أن المملكة محط أنظار المسلمين ومهوى قلوبهم.
الأمر الذي استحق التميز الحقيقي هو إشراف الملك سلمان القائد والحاكم على راحة الحجاج ووصوله إلى منى يشاهد الأرض وقد أزهرت بياضاً لإعطاء الواقع دوراً جوهرياً يشعره المواطن والمقيم ويطمئن له الحاج، في هذا الميدان تطورت الإنسانية ولبست رداء النقاء والطهر، وتعزيز فاعليته وقد رصدت كاميرات العالم لتعبر عن مشهد مهيب ومميز تقف العقول عنده برؤية خادم الحرمين الشريفين يتابع باهتمام نفرة الحجيج من عرفة إلى مزدلفة ووصولهم إلى منى، ليكون ذلك الرصد واقعية الماضي ويقين الحاضر مهما اختلف في التطور.
لذا يكون إدراك الوعي لهذا التجمع الكبير وأداء الركن الخامس من أركان الإسلام عظيم الأثر، فنحن نمتلك درجة من العلم والثقافة الدينية تتفاوت بين الإتقان والاكتساب والتشريع لحكمها وتذكيرهم بأساس الدين وأركانه الخمسة وإحياء سُنة نبينا إبراهيم عليه السلام وتقدير معارفنا وعلومنا في هذا الجانب المهم من حياتنا وعباداتنا وأداء المناسك والتأمل في دلالاتها وقيمة الإدراك العقلي لها والرمزية العميقة بحيث يتولّد إحساس من الواقعية بداخلنا وروحانية قائمة على الصدق والتقوى يرافقها شعور يرتقي لمستوى الامتثال لأمر الله والخضوع له سبحانه وتعالى. وهذا ما يتطابق مع الرسالة المحمدية وعنه نتعلّم الحقوق والواجبات، وفنّد عليه أفضل الصلاة والتسليم هذه الغايات من الفرحة بالعيدين ومعايدة الناس بالعبارات الجميلة والمعبِّرة عن الحب والتلاحم وتحرير النفوس من الضغائن، ولكن أتى العيد وما زال السوري لاجا والعراقي يبحث عن بلده، بينما نخب العراق تتقاسم الكيكة والليبي لم يعد يعرف أي حكومة تحكم بلاده، والأفغاني مشرَّد واليمني ابتلي بمليشيا تنهب ثرواته وتدمر حياته، واللبناني يتحكم فيه ذنب إيران حسن نصرالله بكامل سيطرة الملالي المؤثّرة في الاقتصاد اللبناني وجهاز قمعي يباشر مهامه. ففي كل عصر يتوارث البشر المآسي والحروب تتنافس الأمم من أجل الحياة، والعالم الإسلامي يتطلع للاستقرار ويبحث عن سبل السلام وتجاوز العقبات، وكأنه يناضل بسبب صراع أبدي مضى وما زال يتجدد بإرهاب طهران ومال قطر الفاسد، وبمباركة التنظيم السلطوي الغربي وعلى العالم واجب الطاعة من أجل سيادة القوى الدولية. ورغم ذلك فإن المسلمين مسالمون ويجمعهم الإخاء بالدين ودليل ذلك الحج وكيف يجتمعون فيه شعثاً غبراً مغمورين بالإيمان وحب الخير.. تجمعهم أرض المملكة وتقدّم لهم كافة سبل الراحة وتعنى بجمعهم وتوفر لهم الرعاية الصحية والخدمات المقدمة على مدار 24 ساعة، وقد توحّد جمعهم بأمر الدين وتشريعه وهي أيضاً صمام أمان العالم الإسلامي.