فيصل خالد الخديدي
الفن ضرورة من ضروريات الحياة، وعلى مر العصور واختلاف الثقافات يظل الفن حاضراً بصور عديدة وأشكال مختلفة، ولأن الفن حياة فإنه يحضر دائماً في كل ما حولنا، فالإنسان بفطرته محب للجمال ومنتج له وحريص على العيش في بيئة جميلة ومتناسقة، حتى الإنسان البسيط الفطري حرص أن يترك أثراً جميلاً في كل ما هو حوله من ملبس وأوانٍ، وأيضاً في مسكنه بتزيين الحوائط والنوافذ والأبواب والسقوف، وتزخر بيئتنا المحلية في السعودية بالعديد من الجمال الفطري والشعبي في المساكن القديمة والمشغولات المعمارية، منها ما أبرز على المستوى العالمي وسجل رسمياً في قائمة التراث العالمي غير المادي باليونسكو كفن زخرفة سعودي تراثي وهو (القَط العسيري)، ومنها ما ينتظر التفاتة رسمية له تسجله كإبداع محلي بمواصفات عالمية فثقافتنا الشعبية محملة بكثير من الإبداع وعمارتنا التراثية تحمل كثيرًا من الفن الفطري المميز في جميع صوره، فالمشغولات الخشبية في العمارة بالعديد من المناطق تستحق أن تظهر وتبرز للعالم فبلادنا منبع حضارات متنوعة المشارب غنية المصادر متعددة الأشكال، ولقد كان هناك استشعار لهذا النوع من الإبداع الفطري في عدد من مناطق السعودية، وأعدت أبحاث علمية درست بمنهجية، منها دراسة علمية لمنطقة غنية بموروثها في وطننا الغالي تحوي العديد من الفنون الفطرية والإبداعية أعدت في العام 1418هـ من الباحث (علي أبو عالي) وكانت عن (الزخارف الشعبية المحفورة على المكملات الخشبية في العمارة القديمة بمنطقة الباحة)، درس فيها الباحث الزخرفة الشعبية في المشغولات الخشبية مستخدماً المنهج الوصفي التحليلي، واعتمد على التحليل الفني والشكلي والتقني للشبابيك والأعمدة والنوافذ والسقوف، مستشهداً بالعديد من الصور لثروة حقيقية من الزخارف في العمارة الشعبية بالباحة.
كما صدر في العام الماضي كتاب مهم للدكتور صالح خطابي عن (الأعمال الخشبية في العمارة التقليدية بمنطقة المدينة المنورة)، وهو عبارة عن دراسة علمية منهجية قدمها في جزءين تجاوزت ألف صفحة مدعمة بالصور والتحليلات العلمية التفصيلية لفن يستحق التسجيل والدعم ليظهر عالمياً. وبمثل هذا الكتاب وهذه الدراسات العلمية فإن الأمر ميسر لتسجيل الفنون الزخرفية الشعبية على المكملات الخشبية عالمياً أسوة بالقط العسيري.