محمد آل الشيخ
يقول الشاعر:
كل العداوات قد ترجى مودتها
إلا عداوة من عاداك عن حسدِ
تذكرت بيت الشعر هذا وأنا أتابع قناة الجزيرة القطرية وهي تحاول الإساءة للمملكة، وهذا ما دأبت عليه هذه القناة منذ ما يزيد عن سنة ابتداء من المقاطعة. وقطر منذ المقاطعة وهي تحاول بجهد ومثابرة للإساءة للمملكة، وكذلك دولة الإمارات والبحرين ومصر، على أمل أن تتشفى، أو على الأقل تُشفي أحقادها على ما وضعتها المقاطعة الرباعية فيه من عزلة وتهميش، جعلتها تمارس أدوارًا دبلوماسية مسرحية، وأحيانًا مثيرة للضحك والتندر، لمجرد الخروج من العزلة، مثل حكاية (فزعتها) لتركيا بخمسة عشر مليارًا في أزمة تدهور عملتها، أو تدخلها في العراق لمناصرة لص بغداد المعروف نوري المالكي، لمجرد أن المملكة والإمارات والمحور العربي في العراق يقف ضده لأنه ومعه الحشد الشعبي يسعى لإلقاء العراق في حضن الولي الفقيه في طهران.
أو دعمهم للحوثيين في اليمن؛ غير أن كل هذا التخبط الدبلوماسي والإعلامي والهجومي بلغ أوجه، عندما انتقدت قناة الجزيرة توسعة الحرمين، التي هي بحق أحد أهم مفاخر السعوديين واعتزازهم، والتي أثارت إعجاب كل المسلمين ممن سنحت لهم الفرصة وزاروا مكة.
والهدف والغاية طبعًا الإساءة للمملكة، أما حجة عرب الشمال الذين يديرون قناة الجزيرة في نقد توسعة الحرمين وإعمارها، والصرف على تهيئته للزوار والطائفين والركع السجود - كما نصت القناة - أنها أفقدته (الروحانية)، ومعروف، وبالذات عند السلفيين، أن عبارة (روحانية) عبارة كنسية، لا تستقيم مع تعاليم الإسلام ولا مع العبادات الدينية، وليس لدي أدنى شك أن من يقول بذلك القول الكنسي، لم يأبه في خضم غلوائه لتنفيذ الهجمة على المملكة لهذا البعد الكهنوتي الذي يرفضه المسلمون كافة، خاصة ذوي التوجهات السلفية، ولا سيما أن القطريين ما زالوا يصرون على توجهاتهم السلفية، ولذلك بنوا للشيخ محمد بن عبدالوهاب مسجدًا في الدوحة يؤكد هذا الزعم، إلا أن جهلهم، أو بلغة أدق جهل ساستهم بهذه التفاصيل العقدية بالتوجه السلفي، أوقعهم في هذا المأزق المضحك؛ هذا فضلاً عن أن عمارة المسجد الحرام منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز مرورًا بجميع ملوك آل سعود وحتى الملك سلمان بن عبدالعزيز يعتبرون عمارة المسجد الحرام من أولى الثوابت التي تعلو على أي ثابت آخر، غير أن (الأحقاد) إذا استحوذت على الرجال، أو من حول هؤلاء الرجال، تظهرهم بهذا المظهر البائس الذي يسيء إليهم قبل أن يسيئ إلى من قصدوا الإساءة إليه.
وغني عن القول إن موسم الحج من كل عام، وبالذات موسم حج هذا العام، يجسد بكل ما تحمله الكلمة من معنى قوة المملكة ومكانتها، كونها مهوى أفئدة المسلمين كافة، بما فيهم القطريون أنفسهم، الذين تحدوا منع سلطات حمد بن خليفة لهم من الحج، وقام مئات منهم - كما تقول الأنباء - بتأدية الفريضة رغم أنفه، وأنف ولده الأمير الصوري تميم ضعيف الشخصية والتأثير، والذي لا يملك من السلطة إلا تنفيذ مغامرات الحمدين السياسية، فوضعوا أنفسهم، وقناتهم الفضائية كذلك في موضع المعتوه الذي يُعير الآخرين بأسمى ما يفاخرون به بين المسلمين, يقول الشاعر وكأنه كان يعني ذلك الأحمق وأجهزته الإعلامية:
إذا محاسني اللائي أدل بها
كانت عيوبا فقل لي كيف أعتذرُ
إلى اللقاء.