الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
نبه متخصص في العلوم الشرعية ضرورة التحري عن العلماء البصيرين عند طلب العلم النافع فلا يدرس المسلم على المتعالمين الذين لم يعرفوا بالعلم والتقوى، حتى لا يضل ويقع في الضلالة والآراء الشاذة وهو لا يشعر، كما أنه يجب أن يتحرى المسلم الناصح لنفسه عند السؤال عما أشكل عليه من أمور دينه أهل العلم المعروفين بالعلم والتقوى وممن شهدت لهم الأمة بالعلم والبصيرة، وأن لا يسأل من هب ودب ممن لا يعرف بعلم حتى لا يقع في الآراء الشاذة.
وشدد الدكتور خالد بن حمد الخريف، الباحث في العلوم الشرعية، في حديثه لـ»الجزيرة» عن موقف المسلم من الفتاوى الشاذة على أنه لا ينبغي أن يغتر طالب العلم بمن يحفظ المتون فقط وهو لم يتأصل علمياً، فالحفظ وحده لا يكفي بل لابد من الفقه في الدين ومعرفة أسرار الشريعة وقواعدها الجليلة التي يسير عليها العلماء والفقهاء جيلاً بعد جيل، وأن على المسلم أن يتجنب نشر كل ما يسمعه، بل يتحرى الفتاوى المنسوبة لأهل العلم المعروفين بالعلم والبصيرة، ولا ينشر كل ما يرد إليه من آراء او فتاوى شاذة أو غير معروفة المصدر أو صادرة من جهال أو متعالمين، وأن يعرض ما يشكل عليه من آراء أو فتاوى على أهل العلم والبصيرة.
قال تعالى:{وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}، وأن الواجب على طلاب العلم أن يراجعوا كلام العلماء ويسألوا عما أشكل عليهم وألا يشذوا وينفردوا بالآراء والأقوال، بل عليهم أن يتهموا أنفسهم، وأن يكفوا عن الخوض بلا علم وأن يرجعوا إلى رشدهم، قال صلى الله عليه وسلم (الْبِرُّ مَا سَكَنَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَالْإِثْمُ مَا لَمْ تَسْكُنْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَلَمْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ) رواه أحمد، ويقول ابن القيم رحمه الله: «لا يجوز العمل بمجرد فتوى المفتي إذا لم تطمئن نفسه، وحاك في صدره من قبوله، وتردد فيها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (استفت نفسك وإن أفتاك الناس وأفتوك).
ولهذا فيجب عليه أن يستفتي نفسه أولاً، ولا تخلصه فتوى المفتي من الله إذا كان يعلم أن الأمر في الباطن بخلاف ما أفتاه، كما لا ينفعه قضاء القاضي له بذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من نار).
ويتابع د. الخريف القول: والمفتي والقاضي في هذا سواء، ولا يظن المستفتي أن مجرد فتوى الفقيه تبيح له ما سأل عنه إذا كان يعلم أن الأمر بخلافه في الباطن، سواء تردد أو حاك في صدره، لعلمه بالحال في الباطن، أو لشكه فيه، أو لجهله به، أو لعلمه جهل المفتي، أو محاباته في فتواه، أو عدم تقيده بالكتاب والسنة، أو لأنه معروف بالفتوى بالحيل والرخص المخالفة للسنة، وغير ذلك من الأسباب المانعة من الثقة بفتواه، وسكون النفس إليها»، وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : «أي: حتى وإن أفتاك مفتٍ بأن هذا جائز، ولكن نفسك لم تطمئن ولم تنشرح إليه فدعه، فإن هذا من الخير والبر، إلا إذا علمت في نفسك مرضا من الوسواس والشك والتردد فلا تلتفت لهذا، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما يخاطب الناس أو يتكلم على الوجه الذي ليس في قلب صاحبه مرض».