* حكم قول: تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
* حكم قول: تقبل الله منكم العمل.
* حكم قول: تقبل الله منا ومنكم بعد الصلاة.
التعبد لله تعالى والتقرب له بلفظ أو عمل لا يصح إلا بإذن من الشرع، قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}.
وقال صلى الله عليه وسلم (من أحدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد)
واعتقاد فضيلة شيء لا فضيلة له شرعاً بدعة.
واعتقاد مزيد فضيلة لشيء في حين أو وقت لا مزيد له من الفضيلة شرعاً بدعة.
والتخصيص لا ينبعث إلا عن اعتقاد الاختصاص. -وقد بينت هذه القاعدة في القواعد الفقهية والأصولية على الشبكة العنكبوتية-.
وعلى هذا التقعيد السابق، فإن لفظ: تقبل الله منا ومنكم، ما كان من باب العادات فلا حرج فيه، ولا يتعبد لله تعالى بلفظه. كأن يقال ذلك في باب المناسبات وفي التهنئة بالعيد، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح بإسناد حسن عن جبير بن نفير قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل منا ومنك).
ولم يكن من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- الدعاء لأصحابه بعد الصلاة ولا بعد الوضوء، ولم يؤثر عنه شيء من ذلك، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها. ولا شك أن التزام هذه العبارات على وجه التعبد من الأمور المحدثة المذموم، المردودة على صاحبه، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (كل بدعة ضلالة). رواه مسلم، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). متفق عليه، أما قول ذلك مرة من غير التزام ولا تعبد بذلك اللفظ، فلا حرج فيه.
وقول تقبل الله منا ومنكم في باب العادات، أو تقبل الله منا ومنكم صالح العمل لا حرج فيه.
فإن فيل: التقييد بصالح العمل، لا فائدة منه، لأن العمل إذا كان صالحاً -وهو ما توفر فيه شرطان: الإخلاص والمتابعة لهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم- فهو مقبول، ولاحاجة لتخصيصه بالدعاء.
فالجواب: من وجهين:
1 - أن العمل إذا توفر فيه الشرطان السابقان فهو عمل صالح، ولا يلزم منه القبول، لما قد يعرض له من الموانع، فإن الشيء لا يتم إلا بوجود شروطه، وانتفاء موانعه، فالدعاء مع الإخلاص والمتابعة عمل صالح، وقد لا يتقبل لوجود المانع، وفي الحديث (رب أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يقول: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له). فلوجود المانع لم يستجب له مع وجود أسباب الإجابة.
2 - ولأن تقييد القبول بالعمل الصالح، من باب التأكيد على قبوله، ولو كان مقبولاً، قال تعالى (اهدنا الصراط المستقيم) مع أنه للمستقيم ثبات وزيادة هدى، ولا يختص هذا الدعاء لغير المستقيم.
وعلى هذا فلا حرج في الإطلاق: تقبل الله منا ومنكم. ولا حرج في التقييد: تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وذلك في الدعاء المطلق أو للغير، أو نحو ذلك، لا تعبداً لله تعالى بها في أدبار الصلوات.
وقوله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ}.
أحسن ما عملوا: أي الطاعات، فكل طاعة فهي من أحسن الأعمال.
والله تعالى أعلم.
** **
محمد بن سعد الهليل العصيمي - كلية الشريعة - جامعة أم القرى - مكة المكرمة