سعد بن عبدالقادر القويعي
لا يمكنني فهم تغريدة يوسف القرضاوي خارج الإطار السياسي، وربطها بقضايا خارج السياق - الديني والروحي - للحج، وذلك من خلال تتبع مسارات تكوينه، ومكونات مرجعيته، عندما وصف عبر حسابه على تويتر، بأن: «هذا الحج ليس لله تعالى حاجة فيه.. الله غني عن العباد، وإذا فرض عليهم فرائض فإنما ذلك؛ ليزكوا أنفسهم؛ وليرتقوا في معارج الرقي - الروحي والنفسي والأخلاقي - إلى ربهم؛ ولتتحقق لهم المنافع المختلفة في حياتهم»؛ حتى وضعته تلك النغريدة المشينة، والمحملة بالأبعاد السياسية في مساحات التصور، وعالم الأفكار، والنشأة، والتكوين، ضمن مسلكيته اللاوسطية.
في ضوء ارتباط خلاف منهج الإخوان بالديناميكيات الضيقة، فإن تناقضات منهج القرضاوي تكشف عن خلط الأوراق؛ من أجل إثارة الرأي العام. كما تكشف عن تهافت خطابه؛ لتأزيم الحج، وتهميش المعاني السامية، والأهداف الحضارية الكبرى التي يمكن للمسلم أن يحققها. وهذا ما لا يقبله فقه الموازنات؛ كون المذكور أراد أن يرسم خطًا فاصلاً بين المنافسين الرئيسيين على القيادة في المنطقة، وذلك انطلاقًا من أيديولوجية الإخوان المسلمين.
خطر التحدي الأيديولوجي للقرضاوي ينطلق - هذه المرة - من تعزيز بعض الفتاوى غير المقبولة لبعض الجهات المشبوهة في المنطقة؛ باعتبار أن الخطر الأيديولوجي الإخواني ينطوي على إمكانية تغييره إلى المدى المتوسط؛ لأنه يعتمد على مرجعية أشخاص، والمحصورة إلى المنتمين إلى جماعتهم، دون أن يكون مبنيًا على مرجعية فكر، ومنظومة، ودون أن تصدر عن المشروعية الدينية الموافقة للمنهج الحق.
للقرضاوي، وغيره نكتب، بأن الحج استلهام للتاريخ الإسلامي العريق، وعبادة للمسلم، وشحنة روحية كبيرة يستحضر - من خلالها - في وجدانه الدلالات الروحية لكل مشاهد النبوة، ومنازل الوحي، والآيات البينات؛ ولأن الحج عبادة توقيفية، فلا اجتهاد فيها مع النصوص الشرعية، فهي حق لله - عز وجل -، لا حق لأحد فيها، فهو المشرع لهذه العبادات وحده.