علي الخزيم
عامل آسيوي ببلد خليجي مجاور تم استخدامه للعمل بأحد المساجد هناك، غير أنه وبحكم طبيعته ونواياه التي قدم من أجلها، تغلغل حتى ظهر بمظهر التقي الورع وأسندوا له رفع الأذان، وأحياناً يؤم المصلين بغياب الإمام المواطن الذي كشف بعضاً من أعماله الإجرامية، أقلها المتاجرة بالتأشيرات، فما كان من المؤذن الدَّعِي إلا أن اتفق مع عدد من أبناء جنسه ممن يشاركونه بالجرائم لاغتيال الإمام، مجريات القصة تبدو كغيرها من قصص إجرام العمالة بدول الخليج العربي وبعض الدول العربية التي تستقدم تلك المستويات المتدنية من الأيدي العاملة المتمرسة بالإجرام، غير أن التحقيقات هذه المرة قد كشفت ما لم يكن معتاداً؛ فقد شمل تتبع القضية التحدث إلى سفير بلد العامل الآسيوي الذي ظهر على خلاف المعتاد (غالباً) من سفراء مثل هذه الدول التي تصدر إلينا العمالة، ثم اتبع ذلك بالحديث للصحافة بذات الموضوع.
كشف السفير عن معلومات ذات أهمية قصوى تتعلق بهذه القضية وغيرها وعمال من تابعيته يمارسون الإجرام بالبلد الخليجي كان قد تم الإبلاغ عنهم وأنهم مطلوبون لبلاده بجرائم سابقة، وأنهم وأمثالهم يلوذون بالخليج هرباً من العقوبة ويتم التستر عليهم، فمثل هذا السفير يقوم بواجبه ويمثل بلاده ويمثل العرف الدبلوماسي والعلاقات الراقية بين الدول، ويخالف غيره ممن يُدلِّسون على سلطات البلد المُضيف ويتعاونون مع المجرمين من رعاياهم (وعملائهم) لدرجة الدفاع عنهم بحماس يفوق الدفاع عن الأبرياء، ما يشير إلى خلل بعمل بعض أعضاء مثل تلك السفارات، وكشف للإعلام بأن أفراداً من جنسيات أخرى يقودون ويديرون أعمالاً إجرامية يشارك بها أفراد من بلاده، فهي (مافيا) تضم أفراداً منفذين وشركاء يديرون ويراقبون، وهناك من يوفر الحماية للإمعان والإفادة مما يقومون به من تدمير أخلاقي مُمنهج للمجتمع.
جريمة قتل إمام المسجد بالبلد الشقيق تعد نذيراً للبلدان الأخرى، وإن كانت أجراس الإنذار قد قُرعت مسبقاً من خلال الجرائم المتكررة التي تقترفها أسوأ عمالة عرفتها شعوب الخليج العربي، وما زالت تمارس عبثها بإمعان، وكل يوم تكشف وسائل التواصل الاجتماعي المزيد من غشهم وتزويرهم وتجاوزهم كل الخطوط الحمراء بالإجرام وعدم الاكتراث بالعقوبات طالما أنهم يُحوِّلون الأموال التي يحصلون عليها من جرائمهم مباشرة وتدخل بحساباتهم ببلادهم، وربما تدار هناك من شركاء بالوكالة وتتم تنميتها واستثمارها حتى لو كان المجرم يُمضي عقوبة السجن بأحد البلدان الخليجية، ما يوحي أن العمالة منذ قدومها قد رُتبت أمورها من متنفذين ببلادهم يديرونهم عند بُعد بدليل تساهل بعض موظفي سفاراتهم أمام جرائمهم.
فلا يمكن أن تبني القيادة والحكومة الرشيدة بالتعاون مع المواطن بلداً ذا قيمة وقدرات وتنمية عالية؛ وهؤلاء الأشرار ينخرون بأساسات المجتمع الكريم، فلا بد من وقفة حزم جادة شاملة بوجه حثالة العمالة المستهترة بكل قيمنا وبعقولنا.