د. محمد عبدالله الخازم
مع بداية التسعينيات أو ما قبلها نشطت مجموعة من المهتمين يتأسيس حركة رياضية، كانوا يبذلون الجهد احتساباً وشغفاً. أُسس حينها اتحاد رياضة المعوقين، ولكنه عُومل كاتحاد رياضة مجتمعية وليس احترافية، مثله مثل اتحادات الألعاب الأخرى، كان الدعم له متواضعاً حيث لم يُحضر له مدربون متخصصون أو متفرغون، وبقي العمل يعتمد كثيراً على الفزعات كما يقال، حيث الزملاء يستخدمون سيارتهم الخاصة لنقل اللاعبين ذوي الاحتياجات ويساعدون في إحضار أدواتهم ويعطفون عليهم ويحنون أكثر من كونهم يحاسبون ويضبطون. سأتجاوز ذكر الأسماء لمحدودية مساحة المقال وحتى لا أنسى أحداً. نشطت بعض المناطق في رياضات أصحاب الإعاقات؛ الشرقية والأحساء والرياض والمدينة ومكة والجوف وغيرها، وبدأت تتشكل منتخبات تشارك في الألعاب الخليجية والعربية وغيرها. نتيجة لذلك انبثقت فكرة إيجاد مقرات بالمناطق لذوي الاحتياجات الخاصة (وفق المسمى الحديث)، ولكن للأسف أغلبها لم يتطور إلى نادٍ ولم تف بالغرض، لأنها ليست مقرات مستقلة أو مجهزة بالشكل المناسب لهذه الفئة. هناك دول سبقتنا في هذا المجال، فعلى سبيل المثال بينما كنا نبحث عن ملعب ندرب فيه اللاعبين كان لدى الكويت نادٍ خاص بأصحاب الإعاقات في التسعينات!
اليوم احتفلنا بفوز منتخب ذوي الاحتياجات الخاصة ببطولة كأس العالم، وقبلها بميداليات في ألعاب القوى وغيرها من الإنجازات. كل ذلك أتى في ظل جهود أغلبها بدأت بالحماس والتطوع. لا زالت رياضات أصحاب الإعاقات المختلفة تتم عبر جهود وطنية؛ إداريين ولاعبين ومدربين وإخصائيين؛ وهذا أمر جميل نفخر به. نبارك للوطن وللمنتخب هذا الإنجاز المتكرر. وبعد الاحتفاء نسأل هل قدمنا لهم الدعم الكافي؟ هل أسسنا أندية خاصة برياضات أصحاب الإعاقات في أكثر من منطقة؛ ناديًا يحوي ملعب كرة قدم ومضمار ألعاب قوى وصالة ألعاب داخلية ومطعمًا ومسبحًا ومقر معسكرات..إلخ؛ مثل ما يوجد في الأهلي والنصر والاتفاق وغيرها؟ فكرة فتح الملاعب الحالية لهم يعني مزاحمة للآخرين في ملاعب ومقار ليست مجهزة بشكل مثالي لمختلف فئات الإعاقة؛ الحركية والسمعية والبصرية والذهنية.
ذوي الاحتياجات الخاصة ومنهم الأبطال يحتاجون تسهيلات مثل التأمين الصحي وتدريبهم ليتأهلوا للوظائف المناسبة لهم وغير ذلك من الدعم الاجتماعي التعليمي والصحي. بعض هذه الأمور تكفل بعضها الأنظمة، لكن حقهم، ولو على سبيل تقدير الإنجاز، تسهيل حصولهم عليها بسهولة أكبر. الكوادر البشرية الوطنية العاملة في مجال رياضة أصحاب الإعاقات تحتاج إلى الدعم كذلك؛ عبر منحهم دورات متقدمة في دول متميزة عالمياً في مجال رياضة أصحاب الإعاقات وما يتعلق بها، وتفريغ بعضهم من أعماله الرسمية للعمل في هذا المجال..إلخ.
أخيراً أود التأكيد، كمتخصص وصاحب تجربة سابقة في هذا المجال، الاهتمام برياضة أصحاب الإعاقات ليس ترفاً، بل هو مطلب اجتماعي ورياضي وصحي. رياضتهم على مستوى الهواية والممارسة الترويحية والاجتماعية والاحترافية تتطلب مقرات مستقلة لهم، وليس ضمن مقرات أخرى، مجهزة بكل الإمكانات والكوادر المتخصصة. نادي أو أندية ذوي الاحتياجات الخاصة هي الهدية التي ننشدها بعد فوزهم بكأس العالم أربع سنوات.